عرض مشاركة واحدة
  #64  
قديم 09-18-2012, 02:46 PM
محب سدير محب سدير غير متواجد حالياً
عضو متألق
 
تاريخ التسجيل: May 2011
المشاركات: 212
معدل تقييم المستوى: 0
محب سدير is on a distinguished road
افتراضي رد: المعتصر شرح كتاب التوحيد

مبخوس الحق مظلوم فيما يحصل له.
* ثم أشار ابن القيم بعد ذلك إلى مسألة: وهي [من هو الذي يسلم من سوء الظن بالله؟].
الجواب: يسلم الموحَّد. قال ابن القيم «ولا يسلم من ذلك إلا من عرف الله وأسماءه وصفاته، وموجب حكمته وحمده، فليعتن اللبيب والناصح بنفسه بهذا، وليتب إلى الله ويستغفره من ظنه بربه ظن السوء، ولو فتشت من فتشت لرأيت عنده تعنتًا على القدر وملامة عليه، وأنه كان ينبغي أن يكون كذا وكذا فمستقل ومستكثر، وفتش نفسك هل أنت سالم».
فإن تنج منها تنج من ذي عظيمة.
وإلا فإني لا أخالك ناجيًا.
فأشار في آخر كلمته أن هذا أمر عزيز ونادر لا يسلم منه إلا من وفقه الله.

باب ما جاء في منكري القدر
وقال ابن عمر: والذي نفس ابن عمر بيده، لو كان لأحدهم مثل أحد ذهبًا، ثم أنفقه في سبيل الله ما قبله الله منه حتى يؤمن بالقدر. ثم استدل بقول النبي r «الإيمان: أن تؤمن بالله، وملائكته وكتبه، ورسله، واليوم الآخر، وتؤمن بالقدر خيره وشره». [رواه مسلم].
وعن عبادة بن الصامت أنه قال لابنه: «يا بني إنك لن تجد طعم الإيمان حتى تعلم أن ما أصابك لم يكن ليخطئك، وما أخطأك لم يكن ليصيبك، سمعت رسول الله r يقول: «إن أول ما خلق الله القلم، فقال له: اكتب، فقال: رب، وماذا أكتب؟ قال: اكتب مقادير كل شيء حتى تقوم الساعة» يا بني سمعت رسول الله r يقول: «من مات على غير هذا فليس مني»».
وفي رواية لأحمد: «إن أول ما خلق الله تعالى القلم، فقال له: اكتب، فجرى في تلك الساعة بما هو كائن إلى يوم القيامة».
وفي رواية لابن وهب: قال رسول الله r: «فمن لم يؤمن بالقدر خيره وشره أحرقه الله بالنار».
وفي المسند والسنن عن ابن الديلمي قال: أتيت أبي بن كعب، فقلت: في نفسي شيء من القدر، فحدثني بشيء لعل الله يذهبه من قلبي، فقال: «لو أنفقت مثل أحد ذهبًا ما قبله الله منك حتى تؤمن بالقدر، وتعلم أن ما أصابك لم يكن ليخطئك، وما أخطأك لم يكن ليصيبك، ولو مت على غير هذا لكنت من أهل النار». قال: فأتيت عبد الله بن مسعود، وحذيفة بن اليمان، وزيد بن ثابت، فكلهم حدثني بمثل ذلك عن النبي r. حديث صحيح رواه الحاكم في صحيحه.
قال الشارح:
المسألة الأولى: نبذة تاريخية عن منكري القدر:
وقعت هذه البدعة الاعتقادية بعد عصر الخلفاء الراشدين، وعاصرت متأخري الصحابة كابن عمر، وعبادة بن الصامت، وأبي بن كعب، وهم الذين وردت أحاديثهم

في هذا الباب. وأول من أظهرها بالبصرة معبد الجهني، فهو الذي تبناها وانتشرت من بعده.
المسألة الثانية:
هذا الباب يتعلق بتوحيد الربوبية وهو خلق الله وتصرفه، ويتعلق بالأسماء والصفات في صفة العلم والمشيئة.
المسألة الثالثة: منكرؤ القدر على قسمين:
القسم الأول: غلاتهم، وهم الذين ينكرون القدر بمراتبه الأربع، فينكرون علم الله للأشياء، أي أنه لا يعلمها حتى تقع، ويلزم منه إنكار بقية المراتب. وهؤلاء هم الذين عاصروا ابن عمر وسئل عنهم، وهم الذين كفرهم الأئمة مالك والشافعي وأحمد.
وقالوا: ناظروهم بالعلم: فالألف واللام للعهد، أي علم الله بالأشياء هل يعلمها أم لا، كمناظرتهم بقوله تعالى: ]إنَ اللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمً[ [الأنفال: 75] وقوله: ]وَعِنْدَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ...[ [الأنعام: 598] ويوضعون بين خيارين: فإن أقروا بعلم الله خصموا، وإن أنكروا كفروا.
وأدلة هذا القسم هي الأحاديث التي ذكرت في الباب.
القسم الثاني: جمهور المعتزلة، وهم الذين أقروا بعلم الله، فأثبتوا المرتبة الأولى وهي العلم، وأثبتوا مرتبة الكتابة، ولكن أنكروا مرتبة الخلق والمشيئة.
والظاهر أنه ليس في كل شيء، وإنما أنكروا الخلق والمشيئة فيما يتعلق بأفعال العباد فقالوا: عن أفعال العباد لم يشأها الله ولم يخلقها، وإنما خلقها الإنسان.
وهؤلاء بدّعهم الأئمة وفسقوهم وضللوهم، وفي تكفيرهم قولان للسلف.
المسألة الرابعة: شرح الترجمة:
قوله منكري: مر علينا أنهم على قسمين: إنكار كلي وهو إنكار غلاتهم، وإنكار جزئي وهو إنكار جمهور المعتزلة.
القدر: ما قدره الله وقضاه بعد ما علمه وكتبه وشاءه.
قال ابن عمر.......
حديث ابن عمر في وجوب الإيمان بالقدر وبيان مكانته.

والذي نفس ابن عمر بيده: هذه صيغة من صيغ القسم، وهنا أقسم بصفة من صفات الله.
لو كان لأحدهم: استخدام كلمة "لو"، وهي هنا جاءت للتعليم وبيان الحكم.
لأحدهم: يقصد غلاة القدرية، لأن السؤال وقع عنهم، وقد سأله بعض التابعين أن عندهم أناس يزعمون ألا قدر وأن الأمر أنف، فتبرأ منهم ابن عمر وقال كلامه هذا.
مثل أحد ذهبًا: التمثيل للتقريب.
ما قبله: ما نافية، فنفى قبول أعمالهم لأنهم كفروا.
وهذا ليس من التألي على الله، إنما هو من القسم على الأحكام الشرعية، فالكافر لا يقبل الله منه نفقة، ]إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ[ [المائدة: 27] ودلالتها بالمفهوم وقوله تعالى: ]وَمَا مَنَعَهُمْ أَنْ تُقْبَلَ مِنْهُمْ نَفَقَاتُهُمْ إِلَّا أَنَّهُمْ كَفَرُوا بِاللَّهِ وَبِرَسُولِهِ[ [التوبة: 54]. يؤمنوا: يصدقوا باطمئنان.
بالقدر: بعلم الله وكتابته ومشيئته وخلقه.
ثم استدل: ثم للترتيب والتراخي، وفيه أن الدليل يكون بعد الحكم وقد يكون قبل.
وفيه أيضًا ذكر الحكم مقرونًا بدليله، لكن هل يجب أو يستحب؟
مر علينا أنه يستحب، أما قيام الأحكام على الأدلة فهذا واجب.
ثم ساق حديث عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه والشاهد منه آخره «أن تؤمن بالقدر خيره وشره».
وفيه: ذكر الدليل أيضًا كله وإن كان الشاهد في بعضه.
خيره وشره: يفهم منه أن القدر فيه شر لكن ليس على عمومه، فهو شر نسبي اعتباري، أما باعتبار فعل الله فليس بشر، قال r: «والشر ليس إليك»، وأما باعتبار المقدور والمخلوق فهذا يأتي منه خير ويأتي منه شر.
مناسبة الحديث: فيه كفر منكري القدر إن كان الإنكار لعلم الله.
مسألة: أي منهج ابن عمر في مقاومة أهل البدع الغليظة:
هنا ابن عمر تبرأ منهم وغلظ عليهم القول وشدد؛ لأن بدعتهم عظيمة وهي طامة كبرى وليس كمنهج المتأخرين من قولهم بسياسة الموازنات مع أهل البدع والاحتواء مع

أن هؤلاء الذين واجههم ابن عمر يعتبرون من القراء وممن عندهم علم ومع ذلك لم يفصل فيهم ابن عمر ويوازن بل تبرأ منهم.
ولو حصل مثل هذا اليوم لقالوا لا بد من التفصيل، فلا بد أن تقل هؤلاء علماء وفيهم كذا وكذا من الثناء ثم تقل ولكنهم اجتهدوا فأخطئوا، هذا المسلك مسلك مبتدع ومحدث، وإنما سياسة ابن عمر وغيره أن القراء والدعاة ومن عنده علم إذا ابتدعوا وأحدثوا أن يغلظ عليهم ويعزرون بالكلام من أجل صد الناس والعوام عن بدعتهم، وهذا المنهج ليس خاص بابن عمر بل فعله والده عمر مع صبيغ المبتدع وفعله علي بن أبي طالب ومن معه من الصحابة مع الخوارج العباد.
وطريقة العلماء مع عمرو بن عبيد وواصل بن عطاء وكانوا علماء ابتدعوا، ومع مرجئة الفقهاء وكانوا علماء وفقهاء لكن ابتدعوا ومع ذلك غلظ عليهم مالك والأوزاعي وشريك بألفاظ شديدة.
كل هؤلاء العلماء من الصحابة وغيرهم لم يسلكوا مسلك سياسة الموازنات والاحتواء وسياسة ترك الردود بحجة وحدة الصف أو بحجة أن هناك عدو خارجي أو بدعوى المصلحة أو بحجة أن هذا اجتهادي وهذا اجتهادكم دون دليل شرعي صحيح تحت غطاء فهم الواقع.
مسألة: هناك فرق بين الحوار مع أهل البدع ورد بدعتهم والتغليظ فيها.
أهل البدع إذا نشروا بدعتهم وأظهروها فهذا يبادر في ردها والتغليظ فيها حماية للعوام وردعا لغيرهم، وهذا يسمى باب حماية وتعزير، ثم في نفس الوقت يحاورون ويناصحون لعلهم يرجعون ويعلنون رجعوهم ولا بد، وهذا باب آخر وهناك فرق بين البابين لأن الباب الأول لمصلحة الناس والثاني لمصلحتهم والجهة منفكة.
مسألة: حكم الإيمان بالقدر؟
الجواب: فرض ولازم، وهو أحد أركان الإيمان الستة كما جاء في حديث عمر السابق.
حديث عبادة بن الصامت:
موضوعه: كيفية الإيمان بالقدر.

رد مع اقتباس