عرض مشاركة واحدة
  #60  
قديم 09-18-2012, 02:45 PM
محب سدير محب سدير غير متواجد حالياً
عضو متألق
 
تاريخ التسجيل: May 2011
المشاركات: 212
معدل تقييم المستوى: 0
محب سدير is on a distinguished road
افتراضي رد: المعتصر شرح كتاب التوحيد

ومثله: لو استغاث غريق وأنت تعرف السباحة فسألك بالله أن تنقذه، فيُقال: يجب إعطاؤه بشرط.
1- أن يكون مضطرًا.
2- ألا يكون عليك ضرر، لما روى ابن ماجه بسندٍ صحيحٍ «لا ضرر ولا ضرار».
3- ألا يكون هنالك مانع من الإعطاء.
4- ألا يوجد غيرك.
ومما يدل على شروط هذه المسألة ما رواه الطبراني عن أبي موسى مرفوعًا «ملعون من سئل بوجه الله ثم منع سائله؛ ما لم يسأل هجرا» حسنه العراقي والسيوطي في الجامع.
أما كم يعطيه؟ الحديث لم يبين المقدار، ولذلك يعطيه ما تيسر.
القسم الثالث: أن يسأل ما هو محتاج إليه.
والفرق بينه وبين الذي قبله: أن الذي قبله مضطر، وهذا لم يصل إلى الضرورة لكنه محتاج؛ بمعنى أنه يشق عليه ولكن يتحمل، كالمعونة بالجاه، والمساعدة بالبدن وأنت قادر، فهذه تستحب لها الإجابة، لأن القول بالوجوب يؤدي إلى إيجاب ما لم يجب، ويبدأ كل إنسان يريد شيئًا يسألك بهذه الصيغة حتى يوجبه عليك.
أما سؤال العلم فالإجابة له واجبة مطلقًا؛ إلا إن سأل ما لا يحتاجه أو ليس بواقع، فلا يجب.
قال المصنف وعن ابن عمر قال: قال رسول الله «من استعاذ بالله» في بعض النسخ البداءة فيمن سأل بالله.
من استعاذ بالله: من شرطية عامة.
من استعاذ: أي طلب العوذ، وهي أخص من السؤال؛ لأن الاستعاذة سؤال من توقع المكروه أن يقع عليه.
حكم إعاذة من استعاذ بالصيغة؟
هي مثل حكم من سأل بالصيغة، فلو استعاذ في واجب وجب إعانته، ولو استعاذ لكيلا يقام عليه الحد حرم إعاذته؛ لحديث علي عند مسلم «لعن الله من آوى محدثًا».
قوله "فأعيذوه": أمر يقتضي الوجوب مع القدرة وعدم المانع.

«ومن سأل بالله»
من: شرطية عاملة عامة.
وهي باعتبار الصفة تشمل:-
1- المضطر. 2- صاحب الحق.
3- المحتاج. 4- سائل العلم.
قال تعالى: ]وَأَمَّا السَّائِلَ فَلَا تَنْهَرْ[ [الضحى: 10] وقوله تعالى: ]وَأَمَّا مَنْ جَاءَكَ يَسْعَى * وَهُوَ يَخْشَى * فَأَنْتَ عَنْهُ تَلَهَّى[ [عيسى: 8-10].
قوله "بالله" مثل قول: "أسألك بالله"، ومثله إذا سأل باسم من أسماء الله أو صفة، كأن يقول: أسألك بالذي خلقك، أو أسألك بوجه الله.
قوله "فأعطوه" هذا أمر والأمر هل يقتضي الوجوب؟
على التفصيل السابق، فمنه ما هو واجب، ومنه ما هو مستحب.
وقوله "فأعطوه" لم يذكر مقدار العطاء، فهل هو الكفاية للسائل، أو الطاقة للمسئول، أو ما يقع عليه أقل مسمى العطاء؟
أما إن أعطى الكفاية فهذا أفضل، وإلا يعطيه قدر المستطاع، لقوله تعالى: ]لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا[ [البقرة: 286] أو يعطيه أقل ما يسمى، المهم ألاّ يرده.
"ومن دعاكم فأجيبوه" من: عامة، إلا أنها لا تشمل الكافر؛ إلا في التفصيل، فلو دعاك كافر فلا تجب إجابته؛ لأن إجابته مؤانسة تؤدي إلى المحبة، قال تعالى: ]يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاءَ تُلْقُونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ[ [الممتحنة: 1]، أما لو دعاك لكي تدعوه إلى الله وهو مقبل، فهذا يجب بشرط بغض القلب.
وذكر الحنابلة في إجابة العرس «وتكره إجابة الذمي»، بقي المسلم إذا دعاك هل تجيب دعوته؟
المسألة خلافية بين أهل العلم. أما الظاهرية فيقولون تجب إجابة دعوة المسلم لكل وليمة، لعموم هذا الحديث، وذهب الجمهور إلى أنه لا يجب إلا وليمة العرس، واستدلوا على ذلك بحديث «إن شر الطعام طعام الوليمة» قوله: "الوليمة": إشارة إلى وليمة العرس.

وحديث «إن شر الطعام طعام الوليمة» يخصص حديث «ومن دعاكم فأجيبوه» ويدل على التخصيص المشقة فإن إجابة كل دعوة فيها مشقة، ولذا فالأقرب والذي تميل إليه النفس قول الجمهور، أي: الواجب إجابة دعوة وليمة العرس فقط.
وعلى قول الجمهور أيضًا هناك شروط في إجابة الدعوة. راجع كتاب زاد المستقنع باب وليمة العرس وغيره من الكتب الفقهية.
ومن صنع إليكم معروفًا فكافئوه: من: عامة.
قال الشارح: "حتى الكافر".
معروفًا: نكرة في سياق الشرط فتكون عامة.
والمعروف: اسم جامع للخير والمروءة، ويدخل فيه أيضًا معروف العلم الشرعي، فمن علمك قد صنع إليك معروفًا.
"فكافئوه": ظاهره الأمر، وهو أنه يجب المكافأة على المعروف، وهذه إحدى مراتب المجازاة لمن صنع معروفًا، وهي المرتبة الثانية.
ولم يذكر قدر المكافأة، ولكن المكافأة تكون إما المساواة أو المقاربة.
ويقصد بالمعروف هنا معروف التبرع لا الواجب.
أما من أعطاك ما يجب عليه فهذا أدى ما عليه، وإنما الكلام لمن تطوع.
قال «فإن لم تجدوا ما تكافئونه فادعوا له»: هذه المرتبة الثالثة وهي الدعاء، وشرط الدعاء عدم وجدان ما تكافئونه به، لقوله «فإن لم تجدوا».
فأصبحت المراتب على الترتيب التالي:
أما المرتبة الأولى: الجمع بين أن تكافئه وتدعو له.
المرتبة الثانية: أن تكافئه من جنس معروفة أو ما يقارب معروفة.
المرتبة الثالثة: الدعاء، وهذا بشرط عدم القدرة على المكافأة.
المرتبة الرابعة: ترك المكافأة، وهي ألا تصنع له شيئًا، وهذه المرتبة لا تجوز إن قلنا بالأمر في "فكافئوه".
المرتبة الخامسة: الإساءة، وهي أن تسيء إلى من صنع إليك معروفًا، وهذه حرام، لقوله تعالى: ]هَلْ جَزَاءُ الْإِحْسَانِ إِلَّا الْإِحْسَانُ[ [الرحمن: 60] هذا استفهام بمعنى النهي.

وقوله: "فإن لم تجدوا" ما مقدار عدم الوجدان؟
أي ألا يجد ما يكافئ جنس معروفه أو أعظم، فلو وجد بعض المكافأة فهي أولى من الدعاء. وزمن عدم الوجدان هل هو وقت المعروف أو فيما بعد؟ الأصل زمن المعروف.
قوله: "فادعوا له": الأصل أن الدعاء له، فإن دعا لوالديه أو لأبنائه فهذا زيادة.
ولم يبين صيغة الدعاء، وعلى ذلك يدعو له بأي صيغة مباحة، أما مقدار الدعاء هل هو مرة أو مرات؟
قال في الحديث: حتى تروا أنكم قد كافأتموه، فيكرر الدعاء حتى يغلب على ظنه أنه قد كافأه.
هل كلمة "جزاك الله خيرًا" تكفي؟
جاء عند الترمذي وصححه مرفوعًا: «من صُنع إليه معروفٌ فقال لفاعله: جزاك الله خيرًا، فقد أبلغ في الثناء» لكنها تكرر على قدر المعروف، لقوله: «حتى تروا أنكم قد كافأتموه».
متى يبدأ رد المعروف أو متى يدخل وقته؟
من حين المعروف. لذلك جاءت الفاء في قوله "فكافئوه". هل يكون دينًا في الذمة؟
نعم. لكن إما المكافأة أو الدعاء، وقوله: «فإن لم تجدوا ما تكافئونه فادعوا له» دل على أن الدعاء ليس مكافأة، ولكنه بديل عنها.
قال: رواه أبو داود والنسائي بسند صحيح، وصححه النووي وابن حبان والحاكم.
مسألة: فائدة المكافأة على المعروف؟
لها فائدة وهي فائدة نفسية، فإذا كافأت تخلصت من رق المعروف، وفيه عزة للنفس، وإذا لم تكافئه فتحس أنه أعلى منك وأفضل، ولذا فأهل القلوب العزيزة والنفوس العزيزة تسعى إلى دفع ما تستذل به، ولذا جاء عن الأعرابي أنه قال: ما وضعت يدي في قصعة أحد إلا ذللت له.
مسألة: ذكر المعروف على الشخص يخشى أن يكون من المنة، قال تعالى: ]يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تُبْطِلُوا صَدَقَاتِكُمْ بِالْمَنِّ وَالْأَذَى[ [البقرة: 264] وجاء في الحديث ذم المنان.
مسألة: إذا كافأه بالدعاء هل يكون سرًا أم يسمع صاحب المعروف؟
الأفضل: أن يكون مع سماع صاحب المعروف.

رد مع اقتباس