عرض مشاركة واحدة
  #59  
قديم 09-18-2012, 02:45 PM
محب سدير محب سدير غير متواجد حالياً
عضو متألق
 
تاريخ التسجيل: May 2011
المشاركات: 212
معدل تقييم المستوى: 0
محب سدير is on a distinguished road
افتراضي رد: المعتصر شرح كتاب التوحيد

حديث اللقطة «رب الإبل».
وضئ ربك: هذه أمثلة، ومثلها: ساعد ربك، وقل لربك إلى غير ذلك.
وليقل سيدي ومولاي: من المنتظر في الحديث أن يقال: أطعم سيدك، أو وضئ سيدك، لكن التفت الخطاب إلى المملوك، وهنا ذكر البدل من كلمة أطعم ربك أن يقول: أطعم سيدك.
وهنا مسألة: ما حكم إطلاق كلمة السيد على مالك العبد؟
فيه تفصيل:
أما اسم السيد إذا قطع عن الإضافة فإنه لا يطلق إلا على الله، كما جاء في حديث أبي داود "السيد الله" فلا يقل العبد لمالكه: السيد. بهذا اللفظ، ولا يقل المالك لنفسه: السيد بهذا اللفظ إطلاقًا.
أما إذا أضيفت وقيدت فيجوز إطلاقها من الطرفين، ويدل عليه حديث الباب، وقوله تعالى: ]وَأَلْفَيَا سَيِّدَهَا لَدَى الْبَابِ[ [يوسف: 25] وقوله r: «قوموا لسيدكم».
مسألة: ما الحكم إذا قالها الحر غير "المملوك"؟
إذا قالها الحر لرجل حر كما يكتب في الخطابات أحيانًا سيدي فلان، فهذه لا تجوز إن كانت بالإفراد، وأيضًا إن كانت بالإضافة، ولذا سئلت اللجنة الدائمة عن قول الجندي للضابط: حاضر يا سيدي.
قالت اللجنة: لا يجوز، واستدلوا بحديث أبي داود عندما قالوا: "سيدنا. قال: السيد الله"، وأما حديث الباب فهذا في المملوك.
أما لو كان للحر سيادة على المتكلم، فتجوز لو قالها أجنبي، كما قال النبي r: «قوموا لسيدكم».
أما من له سيادة فلا يقول لمن تحته من الأحرار "أنا سيدكم"، أو هم يقولون: "أنت سيدنا". أما من الأجنبي، فيجوز بشرط أن يكون له سيادة، كأن يكون رئيسًا للقبيلة.
مسألة: كلمة السيد ولو مقيدة بالإضافة فلا يجوز أن تقال لمنافق ولا كافر، وهذا تخصيص من عموم الجواز الذي قلناه، أنها في حق المنافق والكافر لا تقال، لقوله r: «إذا قلتم للمنافق يا سيد فقد أسخطتم ربكم»، والمنافق: من ظهرت عليه علامة من علامات النفاق.

مسألة: هل يُقال للنساء السيدات؟
اعتاد الناس أن يطلقوا على المرأة السيدة والسيدات، ولذا يكتبون في بعض المجلات للسيدات، أو خاص بالسيدات، فهذا لا يجوز، لأن المرأة ليست بسيدة، إنما هي كما قال r: «إنما هن عوان عندكم» يعني: أسيرات. فتسييد المرأة يناقض هذا الحديث قال: «لا يقل أحدكم»: لا: ناهية والنهي يقتضي التحريم.
وهنا مسألة وهي: حكم قول عبدي للملوك؟
ظاهر الحديث المنع من ذلك، ولكن محل النهي:
1- المخاطبة، أي لا تقل للعبد تخاطبه بذلك عبدي، لسببين:
أ- سدًا للذريعة في نفسية المالك فلا يتعاظم.
ب- بعدًا عن انكسار نفسية العبد.
بالإضافة إلى النهي في الحديث.
2- في الإنشاء والنداء، فلا يقل: يا عبدي تعال مناديًا، أما عند الإخبار فيجوز، كأن يقول: بعت عبدي، أو يقول هذا عبد لي من يشتريه، أو يسأل عن هذا فيقول عبدي، فبالإخبار يجوز.
قوله: وليقل فتاي وفتاتي: وهذا هو البديل عن قول: «عبدي وأمتي» فالرسول r منع شيئًا وجعل له بديلاً.
مسألة: هل الخادمة تدخل في هذا الحديث؟
أي يقال لها: فتاتي وتقول هي: سيدي ومولاي؟
أما الخادمة في عرفنا فلا تدخل؛ لأنها حرة وهي أجيرة.
مسألة: ما يقال عن آل البيت أنهم السادة وجرت تسميتهم بالسادة؟
فهذا ليس له أصل، ثم هو يخالف الواقع، فليس لهم سيادة على الناس، وإنما يقول ذلك أهل البدع والشعوذة؛ مع العلم أن آل البيت لهم مكانة في القلوب «المؤمن منهم».
مسألة: جاء في حديث أبي هريرة رضي الله تعالى عنه في الصحيح «تعس عبد الدينار ...».
نقول: هذا ليس تسمية، وإنما هو ذم.

باب لا يرد من سأل بالله
عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله r: «من سأل بالله فأعطوه، ومن استعاذ بالله فأعيذوه، ومن دعاكم فأجيبوه، ومن صنع إليكم معروفًا فكافئوه، فإن لم تجدوا ما تكافئونه فادعوا له حتى ترون أنكم قد كافأتموه». [رواه أبو داود والنسائي بسند صحيح].
قال الشارح:
المسألة الأولى: شرح الترجمة:
لا: نافية.
من: بمعنى الذي.
سأل: يقصد سؤال الطلب،ومثله الاستعاذة والاستغاثة، كقوله: «أسألك بالله»، أو «بالله أسألك».
ومثله: أيُّ اسم من أسماء الله أو صفة من صفاته.
المسألة الثانية: هدف المصنف من هذا الباب.
أنَّ رد من سأل بالله إذا وجب إعطاؤه تنقيص لتعظيم الله، وأن إعطاء من سأل بالله فيه تعظيم لله، فيكون داخلاً في باب تعظيم الله حق التعظيم.
المسألة الثالثة: حكم من رد من سأل بالله؟
قبل الإجابة عن حكم الرد ينبغي معرفة حكم ابتداء الطلب؛ سواء بالصيغة أو بدون: وهو ينقسم إلى أقسام:
القسم الأول: أن يسألك علمًا، وأحيانًا يكون بالصيغة فيقول: أسألك بالله أن تخبرني بحكم كذا، فابتداء سؤال العلم واجب في الواجبات والمحرمات، فيجب أن تسأل عن الواجبات والمحرمات، ويستحب أن تسأل عن المسنونات والمكروهات، لقوله تعالى: ]فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ[ [محمد: 19]، ولأن العلم واجب، وتحصيله يكون بالسؤال، وما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب.

القسم الثاني: أن يسأل مالاً، فهذا الأصل فيه التحريم، كما جاء في الحديث «يا قبيصة! إن هذا المال لا يحل إلا لثلاثة، رجل أصابته فاقة، ورجل تحمل حمالة ...» الحديث.
وقوله r: «لا يزال الرجل يسأل حتى يأتي يوم القيامة وليس في وجهه مُزعة لحم». أما إذا اضطر إلى السؤال فيجوز أن يسأل مع الضرورة.
القسم الثالث: سؤال المعونة بالجاه والبدن، تسأله أن يساعدك جاهًا أو بدنًا، وهذا مر علينا في كتاب تحقيق التوحيد، وأن ابتداءه يكره لما فيه من المذلة والاستعطاف، لحديث «لا يسترقون»، وقد بايع الرسول نفرًا من الصحابةألا يسألوا الناس شيئًا، رواه أحمد. ولكن مع الحاجة يجوز أن يسأل.
أما حكم إجابة من سأل بالله فهذا هو المقصود بالباب، وهو على أقسام:
القسم الأول: أن يسألك بالصيغة ما يجب له، وهذا تجب إجابته بدون الصيغة ومع الصيغة أشد، وعدم الإجابة محرم وينافي تعظيم الله. مثال ذلك: أن تقول زوجتك: أسألك بالله النفقة الواجبة عليك.
مثال آخر: إنسان يطلبك حقًا من ثمن مبيع أو قرض أقرضك إياه، فطلبك وقال: أسألك بالله حقي.
ومثل المدعي يطلب من القاضي حقه الذي ثبت بالبينة، فيسأله بالصيغة.
القسم الثاني: أن يسألك وهو مضطر وأنت قادر على مساعدته، فيسألك بالصيغة أن تساعده، كفقير سأل غنيًا قال تعالى: ]وَيَمْنَعُونَ الْمَاعُونَ[ [الماعون: 7]، وظاهر حديث الباب وجوب إعطائه، لعموم «من سأل بالله فأعطوه» والآية المذكورة آنفًا، وحديث «من استطاع منكم أن ينفع أخاه فليفعل» رواه مسلم، وحديث جابر في الصحيح «من كان عنده فضل ظهر فليعد به على من لا ظهر له». فذكر أشياء حتى ظننا أن ليس لأحد حق في فضل. إلا أنه يشكل عليه قوله r: «لا يحل مال امرئ مسلم إلا عن طيب نفس منه». وقوله r: «إن دماءكم وأموالكم وأعراضكم عليكم حرام» لكن الحديثين في غير الواجب والحقوق.

رد مع اقتباس