عرض مشاركة واحدة
  #55  
قديم 09-18-2012, 02:44 PM
محب سدير محب سدير غير متواجد حالياً
عضو متألق
 
تاريخ التسجيل: May 2011
المشاركات: 212
معدل تقييم المستوى: 0
محب سدير is on a distinguished road
افتراضي رد: المعتصر شرح كتاب التوحيد

وقال آخرون: ابن جرير والبغوي.
على علم من الله أني مستحق له.
والجامع للأقوال كلها، أنه نسب النعمة إلى جهده وعمله، وهذا يسمى نكران تناسي لفضل الله.
وهذا أحد أنواع نكران النعمة التي مرت في باب ]يَعْرِفُونَ نِعْمَتَ اللَّهِ[ [النحل: 83].
مناسبة هذه التفاسير: أن من نسب النعمة إلى نفسه متناسيًا فضل الله، فإن هذا من كفر النعمة وهو من الشرك الأصغر.
حديث أبي هريرة:
الأبرص: البرص: بياض في الجلد.
الأقرع: هو الذي ليس له شعر.
أراد الله: فيه إثبات الإرادة لله، وهي إرادة كونية.
يبتليهم: أي يمتحنهم.
ملكًا: بصورة آدمي، وهذا دليل على أن الملائكة تتشكل.
طلب الأبرص ثلاثة أمور، وهذا دليل على جشعه؛ حتى نفس الطلبات فيها جشع:
1- لون حسن. 2- جلد حسن. 3- ذهاب البرص.
فعافاه الله من ذلك وأُعطي ما أراد، وطلب من المال أغلاه، فطلب الإبل، وأهل الإبل فيهم جفاء فطلب من المال ما وافق طبعه. فأعطي الإبل وأُعطي ناقة حاملاً.
ثم أتى الأقرع فطلب طلبين:
1- شعر حسن. 2- ذهاب القرع.
وطلب من المال: البقر.
والثالث الأعمى، فطلب طلبًا واحدًا متواضعًا، وهو أن يرد الله إليه بصره فيبصر الناس. ولم يقل بصر حسن أو بصر قوي، فرد الله إليه بصره؛ لأنه طلب رد البصر من الله؛ بخلاف الأبرص والأقرع.
وطلب من المال الغنم، وأهل الغنم فيهم السكينة والوقار، فطلب ما يوافق طبعه، فأعطي شاة والدًا.

ثم جاء دور الامتحان. فجاء الملك إلى الأبرص بصورة أبرص، فاستدر عطفه بأن أخبره أنه مسكين وابن سبيل، وسأله بالله أيضًا، فاجتمعت فيه أمور كثيرة الواحدة منها تكفي بالتصدق عليه، ثم ذكّره أيضًا بماضيه، وطلب منه بعيرًا واحدًا، فكان الرد: الحقوق كثيرة، فجمع بين منع ما يجب عليه، وكذب أيضًا.
ثم ذكره الملك بأنه كان أبرصًا فقيرًا، فقال: إنما ورثت هذا المال كابرً عن كابر، وهذا هو الشاهد، فنسب وصول المال إليه من غير الله كذبًا.
وكذلك الأقرع نفس الحوار ونفس النتيجة.
ثم أتى الأعمى بصورته وهيئته: الصورة غير الهيئة.
فالصورة هي العمى، والهيئة هي الفقر.
فأعطاه وقال: كنت أعمى فرد الله إلي بصري، فنسب نعمة رد البصر إلى الله.
ومثله: لو عالج طبيب إنسانًا فنجحت العملية، فعليه أن يذكر أن هذه النعمة من الله، ثم يذكر السبب.
الشاهد من الحديث: أن نسبة النعم إلى الله واجبة، وأنها سبب لرضا الله، وأن نسبة النعم إلى جهد الإنسان وكده أنه من أسباب السخط.
ومثل ذلك: الطالب إذا نجح في الامتحان وقال: هذا بسهري ومذاكرتي وجدي واجتهادي، وهذه لا تجوز، وإنما يقول: هذا من فضل الله ثم بكذا وكذا.
أما لو رسب في الامتحان فلا يضيفه إلى الله، وإنما يقول: رسبت في الامتحان لأنني لم أذاكر.
ومثل ذلك ما يفعله بعض التجار ونحوهم إذا كتب في بعض المذكرات كيف حصوله على هذه الثروة الطائلة؟ قال: هذا بسبب جهدي وكدي وكدحي. ونحو ذلك.

باب قول الله تعالى
]فَلَمَّا آَتَاهُمَا صَالِحًا جَعَلَا لَهُ شُرَكَاءَ فِيمَا آَتَاهُمَا[ [الأعراف: 190] الآية.
قال ابن حزم: اتفقوا على تحريم كل اسم معبّد لغير الله؛ كعبد عمر، وعبد الكعبة، وما أشبه ذلك، حاشا عبد المطلب.
وعن ابن عباس رضي الله عنه في الآية قال: لما تغشاها آدم حملت، فأتاهما إبليس فقال: إني صاحبكما الذي أخرجتكما من الجنة لتطيعنني أو لأجعلن له قرني أيل، فيخرج من بطنك فيشقه، ولأفعلن ولأفعلن –يخوفهما- سِّمياه عبد الحارث، فأبيا أن يطيعاه، فخرج ميتًا، ثم حملت، فأتاهما، فقال مثل قوله، فأبيا أن يطعياه، فخرج ميتًا ، ثم حملت، فأتاهما، فذكر لهما فأدركهما حب الولد، فسمياه عبد الحارث فذلك قوله تعالى: ]جَعَلَا لَهُ شُرَكَاءَ فِيمَا آَتَاهُمَا[ [رواه ابن أبي حاتم].
وله بسند صحيح عن قتادة قال: شركاء في طاعته، ولم يكن في عبادته، وله بسند صحيح عن مجاهد في قوله: ]لَئِنْ آَتَيْتَنَا صَالِحًا[، قال: أشفقا ألا يكون إنسانًا، وذكر معناه عن الحسن وسعيد وغيرهما.
قال الشارح:
هذا الباب شبيهٌ بباب ]يَعْرِفُونَ نِعْمَةَ اللَّهِ[ [النحل: 83]، وباب : ]فَلَا تَجْعَلُوا لِلَّهِ أَنْدَادًا[ [البقرة: 22]، وباب ]وَلَئِنْ أَذَقْنَاهُ[ [هود: 10]، فهذه أربعة أبواب متشابهة إلا أن هذا الباب في نعمة خاصة، وهي نعمة الولد، والأبواب التي سبقت في النعم على وجه العموم.
الآية: ]فَلَمَّا آَتَاهُمَا صَالِحًا جَعَلَا لَهُ شُرَكَاءَ فِيمَا آَتَاهُمَا[ [الأعراف: 190].
آتاهما: اختار المصنف أن الضمير عائد إلى آدم وحواء وهذا قول ضعيف. والصحيح هو ما اختاره ابن القيم وابن كثير أنه عائد على الجنس، أي: الذكر والأنثى على وجه العموم.
ولذا ما ذكره المصنف من أثر ابن عباس في سبب الآية ضعيف؛ بل قال الذهبي في الميزان: حديث منكر، وأعله ابن كثير في تفسيره بثلاث علل.


مسألة: هذا الباب في نعمة الولد.
إذا وهب الله إنسانًا ولدًا، فبعضهم يشرك فيما آتاه الله.
والإشراك في نعمة الولد أربعة أقسام:
الأول: أن ينسب نعمة الولد إلى غير الله إيجادًا وخلقًا، وهذا كفر أكبر؛ لأنه إثبات خالق مع الله، وهو يدخل في الآية.
الثاني: أن يضيفوا سلامته إلى الطبيب أو المولدة "القابلة"، وهذا أيضًا من الإشراك، ويدخل في الآية وهو شرك أصغر.
الثالث: أن يُقدّما محبة الولد على محبة الله، فيشركا بالله من أجل الولد، وهذا يدل عليه كلام قتادة وهو من الشرك الأصغر.
الرابع: أن يعبد الولد لغير الله في التسمية، فيسمى الولد عبد الرسول أو عبد الحسين، وغيره من الأسماء وهذا من الشرك الأصغر.
ويدل عليه قول ابن حزم.
قول ابن حزم.
اتفقوا: قال الشارح ابن قاسم بمعنى أجمعوا.
فتسمية عبد عمرو، وعبد الكعبة محرم بالإجماع، وهو شرك من الشرك الأصغر.
مناسبة كلام ابن حزم: أن من عبَّد ولده لغير الله في التسمية فهو من الإشراك.
مسألة: عبد المطلب؟
وقع فيها خلاف بين أهل العلم:
1- الجواز، لقوله r: «أنا النبي لا كذب، أنا ابن عبد المطلب».
فقوله: أنا ابن عبد المطلب: إقرار.
2- أنه لا يجوز، وهذا هو الصحيح لقول ابن حزم: «اتفقوا على تحريم كل اسم معبد لغير الله».
فيدخل في القياس على القاعدة، ولعموم الآية ]جَعَلَا لَهُ شُرَكَاءَ فِيمَا آَتَاهُمَا[ [الأعراف: 190].
أما قول الرسول r «أنا ابن عبد المطلب»، فهذا إخبار وليس إنشاءً، أما من أراد أن

رد مع اقتباس