ليس من هذا الباب؛ لأنها لا تطلق على الله علمًا بأنها تسمية نبوية. كما أن اللقب لا يطلق إلا بملاحظة الصفة.
مسألة: ما حكم العقيقة عند تغيير الاسم؟
لا يضر؛ لأن العقيقة ليست للاسم وإنما هي للولادة.
مسألة: هل يجوز قول "ولدي العزيز" "أو أخي الكريم" إذا كُتبت في الرسائل والمخاطبات؟
تجوز، لأنه لم يقصد التسمية بها وإنما قصد الوصف؛ لأنه عزيز عنده أو كريم ونحو ذلك، قال تعالى: ]لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ[ [التوبة: 128] ولحديث «إنه الكريم ابن الكريم ...».
مسألة: ما حكم لو قال لشخص اسم عبد العزيز أو عبد الكريم ونحوه فقال له كريم أو عزيز أو عبد الحكيم فقال له حكيم؟
يجوز إذا قصد الشخص ولم يقصد اسم الله. ولأن اسم عزيز وحكيم يجوز التسمية بها ابتداءً إذا لم يلاحظ الصفة إنما هي للعلمية.
مسألة: ما حكم لو صغر ذلك فقال لمن اسمه عبد العزيز قال له عزيز أو عبد الرحيم رحيم أو حكيم قاله لعبد الحكيم بالتصغير؟
الجواب كالمسألة السابقة يجوز فإذا جاز اسم حكيم وعزيز له مكبرًا فيجوز التصغير من باب أولى. بشرط أن لا يقصد اسم الله والعياذ بالله.
فيه ذكر الله أو القرآن أو الرسول
وقول الله تعالى: ]وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ لَيَقُولُنَّ إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ[ [التوبة: 65] الآية.
عن ابن عمر، ومحمد بن كعب، وزيد بن أسلم، وقتادة -دخل حديث بعضهم في بعض-: أنه قال رجل في غزوة تبوك: ما رأينا مثل قرائنا هؤلاء، أرغب بطونًا، ولا أكذب ألسنًا، ولا أجبن عند اللقاء -يعني رسول الله r وأصحابه القرّاء- فقال له عوف بن مالك: كذبت، ولكنك منافق، لأخبرن رسول الله r. فذهب عوف إلى رسول الله r ليخبره فوجد القرآن قد سبقه. فجاء ذلك الرجل إلى رسول الله r وقد ارتحل وركب ناقته، فقال: يا رسول الله! إنما كنا نخوض ونتحدث حديث الركب، نقطع به عنا الطريق. فقال ابن عمر: كأني أنظر إليه متعلقًا بنسعة ناقة رسول الله r، وإن الحجارة تنكب رجليه -وهو يقول: إنما كنا نخوض ونلعب- فيقول له رسول الله r: ]أَبِاللَّهِ وَآَيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنْتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ[ [التوبة: 65] ما يتلفت إليه وما يزيده عليه.
قال الشارح:
المسألة الأولى: شرح الترجمة:
قول "هزل": ضد الجد ويقصد به السخرية.
شيء: نكرة في سياق الشرط فتعم، ويكون بأي شيء ولو قليل.
فيه ذكر الله: الأحكام الشرعية. وقلنا الأحكام الشرعية لأنه سوف يعطف على القرآن فلا بد من المغايرة ويدخل أيضًا الأحاديث.
أو: للتنويع.
القرآن: وهو كلام الله.
أو: للتنويع.
الرسول: الألف واللام للجنس، فيقصد به كل رسول ومن باب أولى رسولنا r. وجواب الشرط محذوف تقديره: فقد كفر.
المسألة الثانية:
هذا الباب يتعلق بتعظيم الله وفي باب الربوبية، فإن المستهزئ مستخف بعظمة الله وربوبيته؛ لأنه يتنافى تعظيم شيء والسخرية به.
المسألة الثالثة: حكم الاستهزاء بشيء من ذكر الله ونحوه.
ينقسم إلى أقسام:
القسم الأول: أن يقصد السخرية بما قال ويقصد ما تلفظ به من استهزاء. حكمه: هذا كفر أكبر سواء كان مازحًا أم جادًا.
دليله: الآية وما جاء فيها من سبب نزول، فإنهم كانوا قاصدين أن يسخروا بما قالوا.
الدليل الثاني: الإجماع، ذكره الشارح ابن قاسم.
مثال ذلك: أن يقصد السخرية بالطاعة ويعلم أنها من شريعة الله، كمن يسخر باللحية، أو برفع الثوب إلى ما فوق الكعبين، أو يسخر بآيات من القرآن أو أحاديث، أو عمل من الدين مازحًا وساخرًا بهذا العمل، كمن يؤدي الصلاة على وجه السخرية بها.
القسم الثاني: ما تسمى السخرية الشخصية وهي نوعان:
أن من سخر بالصحابة أو بالعلماء على وجه العموم، أو كان ديدنه السخرية بكل عالم فإنه يكفر كفر ردة.
ألا يقصد السخرية بما قال أو بما فعل، إنما أراد السخرية بمن قال أو بمن عمل.
مثاله: أن يقصد الإضحاك بغض النظر عن الكلام الذي قاله، كالذي يسخر ببعض العلماء وبعض طلبة العلم يقصد إضحاك من حوله، ويقصد بالسخرية ذات الشخص، وكذلك السخرية ببعض أهل البادية في قراءتهم للقرآن، أو قصص أهل البادية على أهل الحضر، فإن سخر بشخص وهو يحبه؛ لكنه لإضحاك الناس بأعماله الشرعية، فهذا يكون أراد الإضحاك وتزجية الوقت.
فإن كان بينه وبينه عداوة، فيكون سبب الإضحاك التشفي، وهو من هذا القسم أيضًا
إذا كان مادة الضحك شيئًا من الشرع.
وأحيانًا يقصد مجرد الإخبار ولا يريد السخرية بهذا الشخص ولا بما قال، فهذا لا يدخل لحديث «إنما الأعمال بالنيات».
وعلامة هذا القسم: أن الساخر تجده يحب أعمال المسخور به الشرعية؛ لكن أراد الإضحاك، وهذا يحدث كثيرًا، كالسخرية ببعض العلماء مع محبتهم، والسخرية ببعض الأئمة مع محبتهم.
حكم هذا القسم: محرم؛ لأن السخرية بالأشخاص محرمة. قال تعالى: ]لَا يَسْخَرْ قَومٌ مِنْ قَوْمٍ عَسَى أَنْ يَكُونُوا خَيْرًا مِنْهُمْ[ [الحجرات: 11] إلا إن كانت السخرية ببعض العلماء أو بعض طلبة العلم أو بعض الآمرين بالمعروف من الهيئات والساخر مغموس عليه فهذا قرينة على النفاق ويأتي إن شاء الله مزيد بحث. وكل بحثنا السابق على كلمة بعض أما لو كان كل المتدينين أو أكثرهم فهذا من القسم الأول.
القسم الثالث: أن يكون ديدنه السخرية بالأشخاص المتدينين، كلما رأى عالمًا أو طالب علم سخر به، فهذا يلحق بالقسم الأول، لكن لاحظ أن السخرية هنا ديدنه بالأشخاص المتدينين.
أما لو سخر بما قالوا من الدين فهذا يكفر ولو مرة واحدة.
تنبيه:
المقصود بهذا الباب السخرية بالأمور الدينية، أما السخرية بالأمور الدنيوية، أو التي لا علاقة لها بالشرع فهذه لا تنقسم، وإنما هي قسم واحد. يدخل تحت عموم قوله تعالى: ]لَا يَسْخَرْ قَومٌ مِنْ قَوْمٍ عَسَى أَنْ يَكُونُوا خَيْرًا مِنْهُمْ[ [الحجرات: 11]. كالسخرية بسيارة علام أو بيت طالب علم وهكذا.
مسألة: ما حكم لو قال في بعض السنن أنها قشور؟
إن قصد أنها ليست بجوهرية، وهناك ما هو أهم منها فهذا لا يعتبر سخرية بالنسبة لكن اللفظ لا يجوز.
وأما إن أراد السخرية بها فهذا من القسم الأول.
مسألة: إذا دعوت رجلاً للالتزام أو دعوت ابنه فقال: تريد أن تُعقَّده! فما الحكم؟
هذه فيها تفصيل باعتبار الشخص:
إن كان رجلاً يحب الدين ولكن قال هذا القول، فيكون حكمه حكم من أبغض بعض العلماء وبعض الآمرين بالمعروف والناهين عن المنكر، لأنهم يمنعونهم عن شهواتهم ومعاصيهم.
وإن كان يقصد بغض بعض الشعائر، فحكمه حكم من أبغض شيئًا من الدين.
مسألة: حكم من يجعل طرائف على المتدينين كما تعمل بعض الصحف بوضع صور ساخرة عنهم؟
هذا الغالب يفعله العلمانيون والمنافقون كما في قصة «ما رأينا مثل قراءنا هؤلاء أرغب بطونا ... الحديث»!!
مسألة: لو قال رجل من المتدينين لرجل آخر متدين منعه من شيء فقال: أنت من المتطرفين من باب المزاح. فما حكمه؟
هذا سخرية بمن يقول، بمعنى أنك تسخر بمن يقول هذه العبارات. كأنك سخرت بالعلمانيين الذين يقولون هذا الكلام. وهذا لا بأس، فليست هذه من قبيل المحرم.
الآية: ]وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ لَيَقُولُنَّ إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ[ [التوبة: 65].
سألتهم: أي: يا محمد. والضمير يعود على القائلين كما ذكره الشارح ابن قاسم، أي: لماذا تكلموا بكلمة الكفر؟
ليقولن إنما كنا نخوض ونلعب: أي أننا قصدنا السخرية بما قلنا؛ لكن لعبًا وخوضًا لا بغضًا.
مناسبة الآية: أن قَصْدَ السخرية بالقرآن أو الرسول أنه من عمل المنافقين وهو كفر أكبر.
مسألة: السخرية قد تكون باللسان وهذا نوع، وقد تكون بالعمل، كمد اللسان وغمز العين، وهذا مثل القول فله حكمه.
عن ابن عمر ومحمد بن كعب وزيد بن أسلم وقتادة: ذكر صحابيًا وثلاثة من التابعين.
تخريج الحديث: هو حديث حسن من طريق ابن عمر، أخرجه ابن جرير وابن أبي حاتم