وهذا أنواع:
الأول: أن يكون له مساغ في اللغة العربية، كتأويل اليد بالنعمة، فهذا يعتبر ضلالاً وابتداعًا. ويشترط في هذا النوع: عدم التنقص لله بهذا التأويل ويكفر إن عاند. وهذا ضمن قاعدة المسائل الخفية كمسائل الصفات فلا بد من إقامة الحجة وإزالة الشبهة. فإن عاند بعد ذلك فيكفر.
الثاني: ألا يكون له مساغ في اللغة العربية، كما لو فسر يد الله بالسماء أو الأرض، فهذا حقيقة التكذيب، فلذلك حكمه كفر أكبر كالقسم الأول.
المسألة الثالثة: طوائف الجحود بأسماء الله وصفاته.
الطائفة الأولى: الأشاعرة، وجحودهم جزئي؛ حيث أنهم يثبتون الأسماء ويثبتون بعض الصفات، ويجحدون البعض الآخر، فيثبتون سبع صفات وهي: الحياة، العلم، القدرة، الإرادة، الكلام، السمع، البصر.
وحكم هذه الطائفة: هي من الطوائف المبتدعة التي يحكم عليها بالضلال؛ إلا أنهم لا يخرجون من الإسلام، وجحودهم جحود تأويل له مساغ، والحكم عليهم بالضلال وعدم إخراجهم من الإسلام قول الجمهور وذهب بعض أهل العلم في تكفيرهم كابن حزم في الفصل والدستي وابن الجوزي وابن عبد الهادي المتأخر.
الطائفة الثانية: المعتزلة: وهؤلاء يثبتون الأسماء وينفون الصفات، وهؤلاء في حكمهم قولان:
1- تكفيرهم. 2- عدم تكفيرهم.
أما غلاتهم الذين ينكرون العلم فهؤلاء كفار، وهذا حكم المعتزلة الخالصة.
وهناك طوائف أخرى دخلت في الاعتزال في باب الأسماء والصفات، كالخوارج المتأخرين والرافضة والزيدية، أما الروافض فهم كفار؛ لأنهم جمعوا مكفرات كالاستغاثة بغير الله.
وأما الزيدية والخوارج: فهم من أهل البدع، ويحكم عليهم بالضلال إذا لم يكن عندهم إلا الاعتزال في باب الأسماء والصفات، أما إن قام فيهم ناقض فإنه يحكم
عليهم بالكفر.
الطائفة الثالثة: الجهمية: وهم ينكرون الأسماء والصفات.
وهم كفار بإجماع السلف نقل الإجماع اللالكائي في شرح السنة وابن القيم في النونية. والقول بأن في تكفيرهم خلاف هو قول محدث فهمه بعض المعاصرين من بعض إطلاقات ابن تيمية وهو فهم غير صحيح.
قال ابن المبارك: إنا نحكي قول اليهود ولا نحكي قول الجهمية.
علمًا بأن اصطلاح الجهمية عند المتقدمين – كأمثال الإمام أحمد – يختلف عن اصطلاح الجهمية عند المتأخرين كابن تيمية وابن القيم، فالمتقدمون عندهم الجهمية اسم يجمع الجهمية والمعتزلة بالاصطلاح الخاص. ولذا فالإمام أحمد في كتابه «الرد على الجهمية» يقصد في كتابه أيضًا المعتزلة.
المسألة الرابعة: شرح الآية:
هم: يقصد به قريش.
الرحمن: أي اسم الرحمن لا بالمسمى وهو الله سبحانه وتعالى لقوله تعالى: ]وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَهُمْ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ[ [الزخرف: 87].
مناسبة الآية: أن من أنكر اسمًا من أسماء الله إنكار تكذيب فإنه يكفر، وهذه الآية تصلح دليلاً للقسم الأول الذي حكم بتكفيره، ولمن أول تأويلاً غير سائغ.
وفي صحيح البخاري قال علي: «حدثوا الناس بما يعرفون أتريدون أن يُكذَّب الله ورسوله» ذكره البخاري في كتاب العلم.
قال علي بن أبي طالب: هذا من الموقوف.
حدثوا: الحديث يُطلق ويُراد به الكلام سواءً كان في العقائد أو الأحكام.
الناس: الأصل أنها للعموم.
بما يعرفون: أي يمكنهم أن يعرفوه، فنستطيع أن تبلغه عقولهم؛ لا أنه الشيء المعروف عندهم، فهذا لا حاجة به للحديث فهو تحصيل حاصل.
وذكر ابن حجر ضابطًا: أن يكون ظاهر الحديث يقوي البدعة، وظاهره في الأصل غير مراد. إلا أنه ينبغي التنبيه أنه ليس المعنى أنهم لا يُحدثون بتوحيد الأسماء والصفات
وما يجب اعتقاده، كما يأتي في الحديث الذي بعده أن ابن عباس كان يُحدث العوام بالأسماء والصفات، ولكن مثل التوسع في باب الأسماء والصفات، كأن يُقال: إن الله ينزل، ثم يذكرون حالة العرش عند النزول مما ينبغي عدم ذكره، هذا مجرد مثال.
وفي باب الأحكام أن يترك ذكر أحاديث الرجاء عند العصاة أو أحاديث التخويف عند شديدي الخوف، أو من يخشى عليهم من القنوط.
أتريدون: الاستفهام للإنكار؛ لأنه سوف يئول إلى أن يُكذب الله ورسوله.
وهل من ذلك العمل بالسنة إذا لم يعرفها الناس واستنكروها؟ كأن يكون هناك سنن قد اندرست، وقد يؤدي العمل بها إلى نفور عند العامة وكثرة كلامهم؟
المسألة فيها تفصيل:
أما إن كان الشخص لديه قبول عند الناس، كأن يكون من العلماء ومن طلبة العلم المشهورين فهؤلاء عليهم أن يهتموا بإحياء السنن والحرص عليها وتطبيقها بالقول والعمل؛ لأن الفتنة في حقهم لا تحصل نظرًا لمكانتهم.
أما إن كان من غير الصنف السابق كالشباب ونحوهم، فهذا يتأنى في تطبيقها إن أدى إلى كلام؛ إلا إن دعّم فعله بأن هذا هو ما أفتى به العلماء، وأنهم يطبقون ويعملون بها، فلا مانع؛ لأنه تقل الفتنة به.
وهذا بالنسبة للسنن المهجورة مثل سنية السترة في الصلاة، وسنية رفع اليدين في التكبير. ورفع الصوت في التكبيرات المطلقة في عشر ذي الحجة وأمثال ذلك. وهذا غير العبادات التي جاءت بصيغ متعددة فهنا يترك الناس على ما اعتادوا من الصيغة الجائزة.
وقد روي عن الإمام أحمد أنه كان يترك بعض المسائل من باب تأليف الناس، ويستدل بحديث البخاري «لولا أن قومك حديث عهد...» هذا بالنسبة للسنن المهجورة.
تخريج أثر ابن عباس: ذكره ابن أبي حاتم في السنة وهو صحيح، ورواه عبد الرزاق في المصنف.
عن ابن عباس: هذا موقوف.
انتفض: أي اهتز جسمه إنكارًا لا تعظيمًا.