عرض مشاركة واحدة
  #37  
قديم 09-18-2012, 12:30 PM
محب سدير محب سدير غير متواجد حالياً
عضو متألق
 
تاريخ التسجيل: May 2011
المشاركات: 212
معدل تقييم المستوى: 0
محب سدير is on a distinguished road
افتراضي رد: المعتصر شرح كتاب التوحيد

الأول: الحبوط، وهذا إذا أراد الدنيا فقط.
الثاني: النقصان، وهذا إذا أراد الدنيا والآخرة على تفصيل يأتي.
المسألة الخامسة: لو قال قائل هذه الآية في المشركين فكيف سحبت على المؤمنين؟
يقال: اشتركوا معهم في وصفهم فأصبح الحكم واحدًا، قال r: «ومن تشبه بقوم فهو منهم».
المسألة السادسة: نجد بعض من يتكلم عن العبادات يُركّز على فوائدها الدنيوية، فإذا تكلم عن الصلاة مثلاً قال: إنها رياضة للأبدان.
هذا لا ينبغي الاهتمام به لوحده؛ لأنه يفتح على الناس الاهتمام وإرادة هذه الأمور، أما لو ذكرت كأمر ثانوي فهذا له حكم آخر.
المسألة السابعة: لو طلب الدنيا بأسبابها الدنيوية كطلب الريح عن طريق البيع في الزراعة؟
هذا لا شيء فيه؛ بل يؤجر عليه الإنسان إذا أخلص لقوله r: «إنما الأعمال بالنيات».
حديث الباب: «تعس عبد الدينار، تعس عبد الخميصة...».
هذا الحديث قسم الناس باعتبار الإرادة في العمل الصالح إلى قسمين، وبدأ بالقسم الأول: وهو من كان يريد بالعمل الصالح الدنيا فقط.
تعس: دعاء على من ذل للدنيا وخضع.
عبد: العبد هو من ذل وخضع، والعبودية هي الذل والخضوع.
عبد الدينار: عبد مضاف والدينار مضاف إليه، والإضافة هنا على تقدير اللام، واللام للتخصيص. والمعنى أنه ذل وخضع للدينار، ومن مظاهر خضوعه: إن أعطي منه رضي وإن مُنع منه سخط، فحبه وبغضه ورضاه وسخطه تابع للدينار والدينار: عملة قديمة.
عبد الدرهم: الكلام عليها مثل الكلام على ما سبق: إلا أن الدرهم: قطعة من الفضة. وهذان المثالان خضوع للمال والنقود.

الخميصة: نوع من الثياب.
الخميلة: نوع آخر من الثياب.
وهذان مثالان لمن أراد أعراض الدنيا.
وليس خاصًا بالأربعة بل يُقاس عليها من ذل وخضع لشيء من أمور الدنيا المادية أو المعنوية، كمن يسهر للتجارة ويترك صلاة الفجر في وقتها أو جماعة، ثم ذكر رسول الله r الضابط والمقياس لمن ذل للدنيا «إن أُعطي رضي وإن لم يعط سخط».
أُعطي: مبني للمجهول سواء كان العطاء من الله لا صنع للإنسان فيه، أو أعطاه الإنسان.
رضي: هذا أبلغ من قوله سكت أو شكر؛ لأن الرضى عمل قلبي فيدل على أن قلبه امتلأ رضى.
تعس وانتكس: هذه الجملة يحتمل أن تكون دعاءً عليه أو إخبارا، فإن كانت إخبارًا فهو بمعنى انه لم تصفُ له الدنيا.
وإذا شيك فلا انتقش: ليس المراد الشوكة ذاتها؛ بل إنه إذا وقع في أي مصيبة ولو يسيرة فتجده عاجزًا وحيرانًا، وهذا المقطع من الحديث يدل على أن من كانت الدنيا همه فقد عبدها.
والقسم الثاني في الحديث: من كان يريد وجه الله والدار الآخرة فقط، وهذا ذُكر في آخر الحديث.
طوبى: قيل اسم تفضيل أي ما أطيبه، وقيل: الجنة، وقيل: شجرة في الجنة.
وذكر الشارح ابن قاسم حديثا عند أحمد «أنها شجرة في الجنة».
والتفسير النبوي أقرب، وإذا حصلت له الشجرة في الجنة حصلت له الجنة، وكان من أطيبه وما أفضله.
آخذ بعنان فرسه في سبيل الله: هذا أول وصف لهذا القسم، فهو مجاهد بل ومستعد للجهاد؛ لأن الآخذ بزمام الفرس دليل على الاستعداد.
في سبيل الله: أي ليس في سبيل غيره من القومية والوطنية.
أشعث رأسه مغبرة قدماه: هذه هي الصفة الثانية ومعناها: أن وقته كله مشغول

بالجهاد، وليس معنى هذا أنه لا يريد النظافة ولا يهتم بنظافة شعره، لا. بل ليس عنده وقت لها، وإلا فالنظافة مطلوبة شرعًا «إن الله جميل يحب الجمال».
ولهذا الحديث تجد بعض المجاهدين يحب المشي على الأقدام من أجل تغيرها.
وهل هذا الوصف في كل زمنه؟ أي أنه أشعث الرأس مغبر القدمين.
لا. بل هو وصف في حال الجهاد وزمن الطوارئ.
الصفة الثالثة: أنه متقن لعمله ولو وضع في أي عمل، إن كان في الحراسة فيحرس الجيش من أن يهجم عليه أحد فيتقن المراقبة، وإن كان في الساقة -أي مؤخرة الجيش- فإنه يتقن عمله، ومثله أي عمل في الجهاد.
الصفة الرابعة: مكانته عند الناس، فليس له جاه عند أهل الدنيا؛ لأنه ليس من أهل الدنيا.
بقي قسم ثالث بين القسمين السابقين وهو:
من أراد الدنيا والآخرة، وهو ما يسمى بالمخلط بينهما، وهذا على ثلاثة أنواع:
النوع الأول: أن يكون الغالب عليه إرادة وجه الله، ويريد أيضًا الدنيا في نفس العمل، وهذا في الأصل جائز، ولكن ينقص الأجر، كما جاء في حديث عند مسلم في الذين غنموا قال: «تعجلوا ثلثي أجرهم».
- ومثله المؤذن إذا أراد الآذان وأراد الراتب أو بيت المجسد، فهذا ينقص أجره ولا يعتبر من الشرك.
- ومثله لو حج يريد الوقوف بعرفة والدعاء ويريد أجرة الدنيا.
- ومثله لو درّس العلوم الشرعية يريد العلم والفائدة، ويريد المال.
- والأمثلة كثيرة، ولكن شرط هذا القسم أن يكون الغالب إرادة وجه الله.
والدليل على هذا القسم قوله تعالى: ]لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَبْتَغُوا فَضْلًا مِنْ رَبِّكُمْ[ [البقرة: 198].
النوع الثاني: أن يكون الغالب عليه والأكثر إرادة الدنيا، وهذا محرم ومن الشرك إن أراد الدنيا من الناس.
النوع الثالث: أن تكون الإرادتان متقاربتين، أو متساويتين، فهذا محل خلاف

والأقرب عندي أنه محرم ويلحق بالشرك.
مسألة: لو أن الإنسان طلب علم الشريعة فدخل في كلية الشريعة وأصول الدين يريد الدنيا فقط "هذا شرك"، لكن لما توظف بها تاب إلى الله فهل تحرم عليه الوظيفة؟
وهل يكون حكمه مثل حكم من غش في الامتحان ثم نجح غشًا؟ ومثال آخر: لو أن إنسانًا بنى مسجدًا وأراد به الدنيا ثم تاب بعد ذلك فما الحكم؟
أما للأول فلا تكن الوظيفة عليه حرامًا إذا كان متقنًا لها. وأما المثال الثاني فبالنسبة للمسجد فالصلاة فيه صحيحة وبالنسبة للباني فلعله بعد التوبة يؤجر وأما قبل التوبة فلا لحديث «أسلمت على ما أسلفت من خير» فكان يعمل للدنيا ولما أسلم وتاب أُجر على هذا الخير وهذا مثله من باب قياس التوبة على الإسلام.
مسألة: جاء في بعض الأحاديث الحث على الأمور الصالحة بأمور دنيوية، مثل قوله r: «من قتل قتيلاً فله سلبه» فيدل على أن من قتله لأجل السلب جاز،ومثل حديث «من أحب أن يُنسأ له في أثره فليصل رحمه» فلو وصله من أجل أن ينسأ له في أثره جاز، إلى غير ذلك من الأحاديث.
نقول: في هذه الأحاديث ليس المقصود أن يكون الباعث للعمل الصالح الأمر الدنيوي فهذا لا يجوز، أما لو كان حافزًا ومنشطًا فهذا جائز، وهو المقصود بهذين الحديثين.
مسألة: تابعة للدرس الماضي:
عرفنا أنه إذا قرأ القرآن يريد الدنيا فهو شرك، فما حكم تعليم القرآن؟
أما تعليم القرآن فيجوز ولو أخذ عليه شيئًا من الدنيا؛ لقوله r: «إن أحق ما أخذتم عليه أجرًا كتاب الله» ومثله العلاج بالقرآن.
مسألة: لو عمل العمل الصالح يريد وجه الله ثم طرأت عليه إرادة الدنيا؟
هي مثل حكم ما إذا غلب عليه إرادة وجه الله وشيء من الدنيا، هذا إذا استرسل وأما إن جاهد فأخلص الإرادة فهو كمن عمل عملاً يريد وجه الله فقط.
مسألة: لو كفئ على عمله الصالح شيئًا من الدنيا فما الحكم؟
حكمه: كما مر علينا في الرياء، وكما مر علينا في مدح الإنسان على عمله الصالح، وهذه عاجل بشرى المؤمن.

باب من أطاع العلماء والأمراء في تحريم ما أحل الله
أو تحليل ما حرم الله فقد اتخذهم أربابًا من دون الله
وقال ابن عباس: يوشك أن تنزل عليكم حجارة من السماء، أقول: قال رسول الله r، وتقولون: قال أبو بكر وعمر؟!
وقال الإمام أحمد: عجبت لقوم عرفوا الإسناد وصحته، يذهبون إلى رأي سفيان، والله تعالى يقول: ]فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ[ [النور: 63] أتدري ما الفتنة؟ الفتنة: الشرك، لعله إذا رد بعض قوله أن يقع في قلبه شيء من الزيغ فيهلك.
عن عدي بن حاتم: أنه سمع النبي r يقرأ هذه الآية: ]اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ[ [التوبة: 31] الآية. فقلت له: إنا لسنا نعبدهم قال: «أليس يحرمون ما أحل الله فتحرمونه ويحلّون ما حرم الله، فتحلونه؟» فقلت: بلى. قال فتلك: عبادتهم. رواه أحمد، والترمذي وحسنه.
قال الشارح:
هذا الباب والباب الذي بعده يعتبران من أصعب الأبواب؛ لأن لهما تعلقًا بالواقع.
المسألة الأولى:
المصنف حكم على أن من أطاعهم فقد اتخذهم أربابًا.
المسألة الثانية:
موضوع هذا الباب يتحدث في الطاعة وأحكامها.
المسألة الثالثة: شرح الترجمة:
من: شرطية تفيد العموم، فهي عامة في كل من أطاعه.
والطاعة: الموافقة على وجه الاختيار، فخرج به الإكراه والإلزام، فإنه لا يدخل معنا في هذا الباب، فهو خاص فيمن يوافق مختارًا بدون ضغوط، أما لو أكره على تنفيذ الأوامر فهذا يدخل في باب الإكراه.

رد مع اقتباس