عرض مشاركة واحدة
  #16  
قديم 09-18-2012, 12:14 PM
محب سدير محب سدير غير متواجد حالياً
عضو متألق
 
تاريخ التسجيل: May 2011
المشاركات: 212
معدل تقييم المستوى: 0
محب سدير is on a distinguished road
افتراضي رد: المعتصر شرح كتاب التوحيد

وإن كانت المسألة ينبغي التشديد فيها فالقول الأول أقوى، وفي هذه الصورة لا فرق بين أن يكون القبر عن يمينك أو شمالك أو أمامك أو خلفك، وهذا القبر يجب نبشه، ولو أوصى صاحب المسجد فهذه وصية جائرة، فينبش ويدفن في مقابر المسلمين. والمنع لعموم حديث «اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد» في إحدى الصور.
مسألة: ما الحكم لو كان القبر في غرفة مستقلة؟ لا فرق.
1- إما أن تكون هذه الغرفة التي فيها القبر لا يدخل منها ولا يخرج إلا من طريق المسجد، فهذه حكمها حكم المسجد سواء.
2- أن تكون الغرفة لها بابان، باب من جهة المسجد، وباب من غير جهة المسجد والسور واحد، فهذه أيضًا لا تصح، ويجري فيها الخلاف.
3- أن يدخل ويخرج إليها من خارج المسجد، فهذه إما أن يكون سورها وسور المسجد واحد وهذه حرام، ولكنها أخف من الصورتين السابقتين، أو أن يكون سورها غير سور المسجد فهذه بالنسبة لصحة الصلاة تصح الصلاة في المسجد؛ لكن الواجب أن تبعد عن المسجد بمقدار ممر، بشرط ألا تكون في قبلة المسجد. ولذلك ينبغي التنبه لمن يذهب إلى مساجد فيها قبور ويصلي فيها.
مسألة: إذا كانت المقبرة في قبلة المسجد فما الحكم؟
إن كان سور المقبرة ملتصق بسور المسجد فيمنع من ذلك، أما إن كانت غير ملتصقة وبينها ممر فهذا جائز.
مسألة: اتفقنا أن الطارئ يزال سواء من المساجد المبنية على القبور أو القبور المبنية على المساجد، فمن يقوم بهدمها؟ يقوم بهدم المساجد أولياء الأمور.
وإذا كان هناك جماعة لهم شوكة ومنعة فهل لهم إزالتها؟
إذا كانوا في غير بلاد إسلام وخلا فعلهم من المفاسد فيجوز لهم هدم ذلك. وأما إن كانوا في بلاد الإسلام فعليهم مناصحة أولياء الأمور.
واختار بعض أهل العلم: أنه إذا كان الإمام ضعيفًا وهناك من له شوكة ومنعة فله أن يغير بدون إذن الإمام الضعيف، كما فعل ابن تيمية في بعض تغييراته، وإذا امتنع ولي الأمر من التغيير فلأهل المنعة والشوكة التغيير إذا أمنت المفاسد.

في الصحيح: صحيح البخاري ومسلم، وهو حديث متفق عليه.
الكنيسة: هي معبد النصارى، وقوله "رأتها": أي رأت الكنيسة ولكن هل رأتها عن دخول أو مرور؟
غير واضح ذلك في الحديث.
ما حكم دخول الكنيسة؟
أما دخول الكنيسة فلا يخلو من ثلاث حالات:
1- أن يدخلها للتعبد والصلاة.
2- أن يدخلها للفرجة والمصلحة الدنيوية (للدنيا).
3- أن يدخلها للدعوة.
وفي الصورة الأولى: لا يصح دخوله، ويحرم قال تعالى: ]لَا تَقُمْ فِيهِ أَبَدًا[ [التوبة: 108] وقال عمر: «لا تدخلوا على المشركين في معابدهم فالسخطة تنزل عليهم»، ولأنها مأوى الشياطين، وقول عمر: رواه البيهقي بسند صحيح.
وأما الدخول للفرجة والمصالح الدنيوية فيحرم، ويشمله حديث عمر موقوفًا عليه، رواه البيهقي.
«لا تدخلوا على المشركين في معابدهم» وسدًا لذريعة التشبه بهم ومحبتهم، وأما إن دخلها للدعوة، فيجوز إذا أمن على نفسه، ولم يكن هناك مفسدة.
أولئك: بالكسر؛ لأنه خطاب لأم سلمة.
أو العبد: شك من الراوي.
بنوا على قبره مسجدًا: هذه أشد الصور.
أولئك شرار الخلق: هذا وعيد وتهديد، وشرار جمع شرير، وهذا تغليظ.
بنوا على قبره مسجدًا: أي مكان سجود الصلاة.
ولهما: الضمير يعود على مشتهر وهو هنا البخاري ومسلم مثل قوله تعالى ]سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ[ [الإسراء: 1] الضمير في ]عَبْدِه[ يعود على مشتهر.
نُزل: مبني للمجهول، والمقصود به نزول ملك الموت لقبض روحه r.
طفق: أي أخذ.

خميصة: كساء له أعلام.
على وجهه فإذا اغتم: أي من شدة معالجة الموت.
فقال وهو كذلك: أي على تلك الحالة، فيدل على أن الرسول r قال هذا القول في آخر حياته.
لعنة: تقدم أن اللعن قسمان: لعن أكبر، ولعن أصغر، وهو الطرد والإبعاد من الله، ومن المخلوق: الدعاء بالطرد والإبعاد.
وهل يجوز لعن اليهود والنصارى؟ نعم ... للعن الرسول r لهم.
اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد: جملة تعليلية، فعلة اللعن اتخاذ قبور أنبيائهم مساجد.
قبور: ليس هناك فرق بين القبر والقبور في الحكم، فالعدد هنا لا مفهوم له.
مساجد: صور اتخاذ قبور الأنبياء مساجد، له صورتان:-
الأولى: أن تبنى المساجد على القبور.
الثانية: الصلاة عندها، فإن الصلاة عندها من اتخذها مساجد، ولو لم تكن هناك بناية.
يحذّر ما صنعوا: قال بعض أهل العلم: إنه مدرج من كلام عائشة، أي: يحذر الصحابة رضي الله تعالى عنهم.
واللعن هنا داعيه هو التحريم والتحذير من فعلهم.
ولولا ذلك: أي تحذير النبي r.
لأُبرز قبره: وهذا أحد الأسباب في أن النبي r دفن في بيته، فذلك خشية أن يبنى عليه مسجد، أو يتخذ قبره موضعًا للسجود، السبب الثاني: ما جاء في حديث «ما قبض نبي إلا دفن حيث قبض».
لأُبرز: أي لأصبح بارزًا، وهل يقصد البروز هنا بروز ارتفاع أو بروز مكان؟
المقصود بروز المكان، أي لولا تحذيره لدفن في البقيع، ثم جاء هذا الحديث فعضد وقوى أنه يدفن في البيت.
إشكال في قبر النبي r وكونه في المسجد؟
يجاب على هذا بأربعة أجوبة:

1- أن مسجد الرسول لم يبنَ على القبور، فإن النبي r هو الذي بناه، وأخبر عنه سبحانه وتعالى بأنه أول مسجد أسس على التقوى.
2- أن النبي r لم يدفن في المسجد كما يفعل هؤلاء.
3- أن إدخال بيوت النبي r في المسجد ليس باتفاق العلماء، بل هو خطأ من رجل لا يعتبر من العلماء، وهو الوليد بن عبد الملك فهو الذي أدخل قبره في المسجد، وأنكر عليه العلماء منهم سعيد بن المسيب، وكان ذلك في سنة 94هـ. والوليد ليس ممن يُقتدى به خصوصًا مع إنكار العلماء عليه، علمًا بأنهم وضعوا احتياطًا في قبره r، حيث بنوا عليه ثلاثة جدران فلا يكون المصلي مستقبلاً له. مع أن هذا لا يغني إذ العمل من أصله خطأ. والمسجد النبوي ليس حجة لأحد ممن يفعل ذلك من إدخال القبور في المساجد.
لماذا لا تمنع الصلاة في المسجد النبوي؟
لا تمنع، بل بإجماع المسلمين أنهم يصلون من ذلك العهد فكيف نقول لا تجوز مع هذا التواتر على صحة الصلاة في المسجد النبوي وثبوت الفضل.
ونقول: إن الصلاة فيه كما أخبر r أنها تعدل ألف صلاة في غيره من المساجد؛ إلا المسجد الحرام.
إلا أننا نقول: أن من صلى في المسجد النبوي بقصد بركة القبر، أو لأن القبر فيه، فهذا لا تصح صلاته. فأصبحت صحة الصلاة لا تعود على المكان، وإنما تعود على الاعتقاد والنية.
من تقصد أن يصلي خلف حجرة النبي r؟
هو مثل من قصد الصلاة عند القبر في الحكم وقد سبق.
خُشي بالفتح يكون الفاعل الرسول r، وجاءت بضم الخاء فيكون الفاعل الصحابة.
قال المصنف في هذا الحديث (أخرجاه) بعد أن قال (ولهما) ويمكن أن يكون هذا من باب التأكيد.
مسألة: ما حكم الدفن في البيوت؟
لا يجوز، لقوله r: «لا تجعلوا بيوتكم قبورًا»، ومن معاني الحديث: أي لا تدفنوا

الموتى من بيوتكم؛ بل يدفن مع المسلمين في مقابرهم.
«قبل أن يموت بخمس» أي: بخمس ليال، وهذا حديث جندب، وهو غير حديث عائشة، فيدل على أن الرسول r كرر هذا الأمر وأعاد عليه.
خليل: الخليل: هو المحبوب غاية الحب.
اتخذني خليلا: إثبات المحبة لله عز وجل.
أمتي: أمة الإجابة.
ألا: حرف تنبيه واستفتاح.
لا تتخذوا: لا: ناهية، والنهي يقتضي التحريم.
فإني أنهاكم عن ذلك: هذا نهي مرة أخرى.
فقد نهى عنه في آخر حياته: هذا من كلام أبي العباس ابن تيمية.
والصلاة عندها من ذلك: هذه صورة من صور الاتخاذ.
وإن لم يبن مسجد: الصورة الثانية: أن يُبنى مسجد، وكل موضع قصدت الصلاة فيه فقد اتخذ مسجدًا، هذا لغة.
أما المسجد اصطلاحًا: فهو المكان المعد للصلوات الخمس إعدادًا عامًا، ولا يلزم أن يكون فيه إمام راتب، فعلى هذا فالمساجد التي على الطرقات وفي الأرياف تعتبر مساجد لها أحكام المساجد. وأما المساجد في المدارس فهي مصليات؛ لأنه لا يصلي فيها إلا بعض الصلوات. هذا أولاً.
ثانيًا: أنها لم تُعد إعدادًا عامًا، فليس لها التحية، ويجوز دخول الحائض والجنب لها، ويجوز فيها البيع والشراء.
أما مصلى العيد فيعتبر مسجدًا، لأن الرسول r أمر الحُيّض باعتزال مصلى العيد، فدل على كونه مسجدًا.
وهل يشترط في المسجد الوقفية؟
الظاهر أنه لا يشترط، فلو أن جماعة مسجد أرادوا تجديد وتوسيع مسجدهم فاستعاروا أرضًا يصلون فيها تلك المدة صح وأخذت حكم المسجد.
جُعلت: هذا هو الجعل الشرعي، ومنه قوله تعالى ]جَعَلَ اللَّهُ الْكَعْبَةَ الْبَيْتَ



الْحَرَامَ[ [المائدة: 97] وقوله: r]وَجَعَلَهَا كَلِمَةً بَاقِيَةً فِي عَقِبِهِ[ [الزخرف: 28].
الأرض: أل: هل هي للعموم أو العهد؟
فقهاء الحنابلة يجعلونها للعهد، أي: التراب.
والقول الثاني: للعموم، فكل الأرض يتطهر بها، الجبال والأحجار وغير ذلك.
مسجدًا: هذا يحتاج إلى تخصيص؛ لأن في الأرض حشوشًا وحمامات وأماكن نجسة وغير ذلك.
حديث ابن مسعود: المرفوع قسمان: حقيقي وحكمي.
من شرار الناس: هذا من التغليظ.

باب ما جاء أن الغلو في قبور الصالحين
يصيرها أوثانًا تعبد من دون الله
روى مالك في الموطأ: أن رسول الله r قال: «اللهم لا تجعل قبري وثنًا يعبد، اشتد غضب الله على قوم اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد» ولابن جرير بسنده عن سفيان عن منصور عن مجاهد: ]أَفَرَأَيْتُمُ اللَّاتَ وَالْعُزَّى[ [النجم: 19] قال: كان يلت لهم السويق فمات فعكفوا على قبره، وكذلك قال أبو الجوزاء عن ابن عباس: كان يلت السويق للحاج.
وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: «لعن رسول الله r زائرات القبور، والمتخذين عليها المساجد والسرج» [رواه أهل السنن].
قال الشارح:
هذا الباب شبيه بالباب الذي قبله، وبالنظر إلى عناوين البابين فإن هذا الباب يتحدث عن الغلو في القبور، والذي قبله يتحدث عن الغلو في الصالحين، وأن الغلو في قبور الصالحين هنا يجعلها أوثانًا، وهناك الغلو في الصالحين يجعلهم آلهة.
المسألة الأولى: تحليل الترجمة:
الغلو: سبق أن تحدثنا عن معنى الغلو.
في قبور: ليس هناك فرق بين القبر والقبور.
الصالحين: جمع صالح، والصالح هو الذي قام بحقوق الله وحقوق العباد. وهل كلمة الصالح مرادفة لكلمة المؤمن؟
لا. هي هنا يقصد بها أخص من كلمة المؤمن.
والمؤلف رحمه الله من محبته للأمة ونصحه لها كرر التحذير من الغلو في الصالحين في ثلاثة أبواب متتابعة، ولأن طبيعة العصر الذي نشأ فيه المؤلف فيها مظاهر من الغلو في قبور الصالحين أو ذواتهم.
يصيرها: يحولها.

أوثانًا: الوثن له تعريفان:
1- تعريف مع الإفراد. 2- تعريف مع الجمع مع كلمة الصنم.
التعريف العام مع الإفراد، فإن الوثن: ما عبد من دون الله على أي هيئة كانت.
وأما الوثن بالمعنى الخاص – وهو مع الجمع مع الصنم – فإن الوثن يطلق على: ما عبد من دون الله على غير هيئة إنسان.
تُعبد: يُخضع لها ويتذلل.
وقوله تُعبد: قيد لبيان الواقع، فليس هناك أوثان لا تعبد، وهذا مثل قوله تعالى: ]يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ[ [البقرة: 21].
معنى الترجمة: أننا إذا تجاوزنا الحدود الشرعية في القبور فإنها تتحول إلى أوثان تعبد من دون الله.
وهذا يثير سؤالاً: ما هي الحدود الشرعية للقبور؟
أن يكون قبرًا عاديًا مسنمًا بمقدار شبر، ليس عليه بنيان؛ سواء كان البنيان قبة أو مسجدًا، وليس عليه شيء من مظاهر التعظيم ولا الكتابة، فقد ورد النهي عنها، ولا يُجصص.
معنى الأحاديث:
ما رواه مالك: وهو رواه مرسلاً، والمرسل: ما منه الصحابي سقط. أو: ما رفعه التابعي، ووصله الإمام أحمد رحمه الله في المسند عن أبي هريرة بسند صحيح.
اللهم: بمعنى يا ألله، حذفت الياء وعوضت عنها الميم فأصبحت اللهم.
لا تجعل: لا: ناهية ولكن لا يقصد به حقيقة النهي، فإنه وإن كان صيغته صيغة نهي، فإنه يسمى دعاء؛ لأنه طلب من الأسفل إلى الأعلى.
وثنا: الوثن لا يلزم منه قيد الرضى؛ بخلاف الطاغوت فهو من عبد من دون الله وهو راض، فالشجر تسمى أوثانًا ولا يتصور منها الرضى.
وهنا سأل الرسول r الله ألا يكون قبره وثنًا يعبد.
ذكر ابن القيم ووافقه غيره من العلماء أن الله استجاب دعاءه، ولذلك فقبر النبي r ليس وثنًا يُعبد، وليس فيه شيءٌ من مظاهر الوثنية، فلا يطاف حول قبره، ولا يذبح

عند قبره، ولا يتمسح بقبره، فقد حفظه الله.
وهناك فرق بين اتخاذ قبر الرسول وثنًا وبين اتخاذ الرسول إلهًا، فإن الأخير قد وقع، فهناك من عبد الرسول واستغاث به. أما قبر الرسول r فمحفوظ، فلا يستطيع أحد أن يطوف به، ولو طاف من وراء الحجرات فلا يسمى طوافًا بالقبر.
اشتد غضب الله: هذه الجملة جملة تحذيرية وتعليلية في نفس الوقت.
غضب الله: غضب مضاف ولفظ الجلالة مضاف إليه. والإضافة نوعان:
1- إضافة الصفة إلى الموصوف.
2- إضافة المخلوق للخالق.
ضابط إضافة المخلوق للخالق: أن يكون المضاف عينًا قائمًا بنفسه، مثل: بيت الله، وكعبة الله، وخليل الله، وكلمة الله، وقد تكون هذه الإضافة للتشريف، كما في بيت الله، وربما تكون لغير ذلك، مثل "هذا خلق الله".
أما إذا كان المضاف معنى لا يقوم بنفسه؛ فإنه من باب إضافة الصفة إلى الموصوف. مثل الغضب هنا: والغضب: 1- صفة من صفات الله.
2- وهي من صفات الأفعال، فهي صفة فعل متعلقة بالمشيئة.
أما المعطلة من الجهمية والأشاعرة فيفسرون الغضب بالانتقام، وهذا من الانحراف. فالانتقام من لازم الغضب ومن آثاره وليس هو الغضب.
أنبيائهم: جمع نبي.
إما مسجد البناية أو مكان السجود.
مناسبة الحديث: أن الغلو في قبور الأنبياء يجعلها أوثانًا، ولذلك تعوذ الرسول من أن يكون قبره على نفس المصير.
ولابن جرير: إمام من أئمة التفسير.
سفيان: هو الثوري.
منصور: هو ابن المعتمر.

مجاهد: من كبار التابعين، وإذا جاءك التفسير عن مجاهد فحسبك به، ويعتبر من فضلاء تلاميذ ابن عباس.
وهذا التفسير تفسير تابعي، وهو يسمى في المصطلح مقطوعًا.
أفرأيتم: أخبروني، وهذا من باب تفسير اللازم؛ لأن السؤال عن الرؤية وليس عن الخبر، والمقصود هنا ما بعد الرؤية.
يلت: أي يخلط.
لهم: جاءت مبهمة، وجاء في أثر ابن عباس أنهم الحجاج.
السويق: هو الشعير إذا حمس وطحن وخلط بالتمر فيسمى سويقًا.
واللام في لهم: إما للتمليك وإما للإباحة.
فمات: الفاء ليست سببية، وإنما لمجرد العطف.
والموت: هو مفارقة الروح للجسد.
فعكفوا: اهتموا بقبره؛ لأنه صالح وغلوا في قبره حتى أصبح وثنًا يسمى وثن اللات.
والعكوف: هو الملازمة وهو طول المكث.
وهل مكثهم عند قبره هكذا أو معه اعتقاد؟
مكثهم معه اعتقاد إما للبركة أو رجاء الشفاعة، ولذا تحول إلى إله يُعبد من دون الله ولكن الحكم معلق بالفعل لا بالاعتقاد.
مناسبة الأثر: أنهم غلو في قبر رجل صالح حتى أصبح وثنًا.
وكذا: الكاف للتشبيه.
عن ابن عباس: هذا يسمى موقوفًا، وهذا رواه البخاري في التفسير.
والحاج: صفة لمن حج بيت الله، وهذه الكلمة عند بعض البلدان أصبحت علمًا على كل شخص، فأصبحت ترادف كلمة شخص.
وهل يجوز الإطلاق على الشخص كلمة حاج؟
هذه اللفظة أتت من الأعاجم. وهذه من الكذب، فليس كل شخص قد حج، فقد تكون إخبارًا بخلاف الواقع. وأيضًا ففيها تزكية "الراكب كثير والحاج قليل". لكن

إن قصد منها مجرد العلمية فهذا جائز.
وقول ابن عباس: يسمى تفسير صحابي، وتفسير الصحابي له حكم الرفع بشرطين:
1- ألا يُعرف بالأخذ من الإسرائيليات.
2- ألا يكون تفسيره مما يقبل الاجتهاد.
فيكون مرفوعًا حكمًا.
حديث ابن عباس:
قال: رواه أهل السنن: وضعف بعض أهل العلم الحديث، وبعضهم صححه وقبله، كالترمذي وابن تيمية. وهو الراجح.
لعن: هو الطرد والإبعاد، وهو هنا دعاء لأنه من الرسول r.
واللعن قسمان كما سبق.
زائرات: جمع زائرة، وهي التي تخرج قاصدة المقبرة.
وهذا الحديث يدل على: تحريم زيارة النساء للقبور، وهذه مسألة خلافية على قولين:
1- الجواز: واستدلوا بأدلة منها حديث عائشة «أنها زارت أخاها عبد الرحمن» رواه الحاكم ووافقه الذهبي. فُسئلت فقالت: «نُهي عن زيارة القبور ثم أُمر بزيارتها» واستدلوا بعموم قوله r: «كنت نهيتكم عن زيارة القبور فزوروها».
واستدلوا بحديث المرأة التي مر عليها النبي r وهي جالسة تبكي عند قبر فقال لها: «اتق الله واصبري» فقالت: إليك عني فإنك لم تصب بمصيبتي.
2- تحريم الزيارة: وهو اختيار أبي العباس ابن تيمية وجماعة. واستدلوا بحديث الباب، وفي لفظ عند أحمد «زوارات القبور»، وذكروا حديث أم عطية قال: «نهينا عن اتباع الجنائز ولم يعزم علينا» وهذا استدلال بالقياس على أن الاتباع أخف من الزيارة.
والأقرب هو: القول الثاني، وهو أنها تحرم على النساء.
والرد على أدلة القول الأول:
زوروها: صيغة للمذكر فلا تشمل الإناث، وأما فعل عائشة، فهو فعل صحابي،

فيعتذر لها ولا يحتج بفعلها، وأما قولها «وأُمر بزيارتها» هذا أيضًا للرجال، وأيضًا باعتبار المعنى، فالمرأة ضعيفة وعاطفية فلا تتحمل.
وهل هذا في كل القبور؟
الحنابلة قالوا: إلا في قبر الرسول r، فيستحب للنساء كما يستحب للرجال.
والأقرب أنه لا فرق بين قبر الرسول r وقبر غيره.
المسألة الثانية:
جاء عند أحمد (زوارات) وهي صيغة مبالغة تقصد التي تُكثر الزيارة.
فهل النهي متعلق بالمتكرر أو بالمرة الواحدة؟
نقول: إن رواية الإمام أحمد لا تخصص (الزائرات)؛ بل اللعن واقع مع الزيارة الواحدة، فإذا كررت الزيارة كثر اللعن.
المسألة الثالثة: قوله (زائرات)
أخرج المارّات، وهي التي تمر من عند المقبرة ولم تقصد الزيارة، وعليه يحمل إرشاد النبي r لعائشة كما في الصحيح قولي: «السلام عليكم دار قوم مؤمنين ...» الحديث، ولا يجوز لها أن تقف.
وهنا لعن الرسول r زائرات القبور، وهل كل من فعلت هذا الفعل تُلعن؟
إذا عُلم من الزائرة العلم بالحكم وتعمدت ذلك، فإنها تُلعن بلعن الرسول r، إلا من فعلت ذلك متأولة.
والمتخذين: أي ولعن رسول الله r المتخذين.
عليها: أي القبور. وهنا صورة واحدة للاتخاذ، وهي البناء عليها.
السرج: جمع سراج وهو معروف.
والسرج هنا هل هي موضوعة للرؤية أو موضوعة للتعظيم؟
هنا موضوعة للتعظيم، فاستحق الواضع اللعن.
وهل يجوز وضعها من باب الزينة أو العلامة؟
لا. لا يجوز ذلك.
وهل منها الكشافات التي توضع في المقابر؟

رد مع اقتباس