عرض مشاركة واحدة
  #14  
قديم 09-18-2012, 12:12 PM
محب سدير محب سدير غير متواجد حالياً
عضو متألق
 
تاريخ التسجيل: May 2011
المشاركات: 212
معدل تقييم المستوى: 0
محب سدير is on a distinguished road
افتراضي رد: المعتصر شرح كتاب التوحيد

المسألة الخامسة: بعض الشبهات التي يتعلق بها عُبّاد القبور، ويعتقدون أنها تبيح لهم طلب الشفاعة من المقبورين والصالحين.
الأولى: استدلوا بحديث عثمان بن حنيف في التشفع بالرسول r، والحديث هو ما يعرف بحديث الضرير أو الأعمى، وهو أن رجلاً جاء إلى النبي r فقال: ادع الله أن يعافيني، فقال الرسول r: «إن شئت دعوت لك فبرئت، وإن شئت صبرت فهو خير لك، فطلب منه الدعاء، فقال له: توضأ ثم قل: اللهم إني أسألك وأتوجه إليك بنبيك محمد r».
والرد على الحديث من جهتين:
1- من جهة السند: ضعيف فيه عيسى بن أبي عيسى، قال الحافظ: والأكثرون على تضعيفه.
2- أن يقال: (أن قوله أتوجه إليك بنبيك محمد) المقصود فيه دعاء نبيك محمد؛ لأنه في أول الحديث قال: إن شئت دعوت لك، وطلب منه أن يدعو ليستجيب الله لدعاء النبي r.
فالمُسشفَع به هو دعاء النبي r، وليس ذات النبي r.
الثانية: حديث رواه الطبراني «يا عباد الله أعينوني، يا عباد الله احبسوا» والحديث منكر ومنقطع. قال ابن عدي: «وفي إسناده معروف بن حسان وهو منكر».
الثالثة: قوله تعالى: ]وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ جَاءُوكَ فَاسْتَغْفَرُوا اللَّهَ وَاسْتَغْفَرَ لَهُمُ الرَّسُولُ لَوَجَدُوا اللَّهَ تَوَّابًا رَحِيمًا[ [النساء: 64] ففيها أن الرسول يملك الاستغفار، والآية في حياته r، أما بعد موته فلا، وما كان الصحابة ولا التابعون يفعلون ذلك.
الرابعة: يستدلون بحديث رواه الطبراني «إن الله خلقا خلقهم لحوائج الناس يُفزع إليهم» قال ابن عدي في الكامل: هذا حديث ضعيف جدًا فيه رجل مشهور بالوضع.
الخامسة: قالوا أن الاستشفاع بالأنبياء يجوز؛ لأنكم تقولون إن الاستشفاع بالحي جائز، والأنبياء أحياء، فنحن نستشفع بأحياء، فإذا كان الشهداء أحياء عند ربهم يرزقون، فالأنبياء فمن باب أولى.

الجواب على هذه الشبهة:
1- أن الله أخبر في القرآن أنهم ماتوا وانقطعت أعمالهم ]إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُمْ مَيِّتُونَ[ [الزمر: 30]، والنبي r قال: «إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث...» فليس له عمل بعد الموت.
2- أن الله منعك أن تسألها من غيره.
أما كونهم أحياء فنعم، ولكنها حياة برزخية غير هذه الحياة.
السادسة: أن طلب الشفاعة ليس شركًا بدليل أن إبراهيم عرض عليه الشفاعة جبريلُ، ولو كانت شركًا ما عرضها.
فنقول: جبريل حيٌّ قادر عرض على إبراهيم ما يقدره، ونحن نتكلم عن الاستشفاع بالأموات، ومجيء القبور وسؤالها.
السابعة: أن الرسول r أعطي الشفاعة – ويسوقون لك حديث الشفاعة العظمى -، ونحن نطلب منه ما يقدره.
الجواب عليهم:
1- أن الرسول r أعطيها يوم القيامة.
2- اطلب الشفاعة من الذي أعطاها الرسول، وليس من الرسول.
]قُلْ لِلَّهِ الشَّفَاعَةُ جَمِيعًا[ [الزمر: 44] مُلكًا واستحقاقًا، وقوله تعالى: ]مَنْ يَشْفَعْ شَفَاعَةً حَسَنَةً يَكُنْ لَهُ نَصِيبٌ مِنْهَا[ [النساء: 85] ففيه الحثُ على الشفاعة للغير لمن كان يقدرها في الدنيا.
«راجع كشف الشبهات والدر السنية في الجواب على عباد القبور».
المسألة السادسة: أقسام الناس في الشفاعة:
1- منهم من يثبتها إثباتًا مطلقًا، وأن الأولياء يشفعون، فيجِّوز طلبها منهم، وهؤلاء عباد القبور والصوفية.
2- من ينكر بعض الشفاعات، كالخوارج والمعتزلة، فإنهم ينكرون الشفاعة لأهل الكبائر.
3- أهل السنة والجماعة، فهم يثبتون الشفاعة المثبتة وينفون المنفية.

الآيات:
أنذر: هو الإعلام المقترن بالتخويف به.
به: أي القرآن.
الذين يخافون أن يحشروا إلى ربهم. هذا إنذار خاص خص به هؤلاء؛ لأنهم منتفعون بالقرآن.
يحشروا: الحشر هو الجمع، وشرعًا: هو جمع الخلائق يوم القيامة في صعيد واحد.
إلى ربهم: إلى خالقهم ومعبودهم.
وفي الآية نفي الشفاعة، ويقصد بها الشفاعة التي لا تجوز.
]قُلْ لِلَّهِ الشَّفَاعَةُ جَمِيعًا[ [الزمر: 44].
اللام في لله: للملك والاستحقاق، فهي ملك لله وعطاء من الله. إذن فكيف تطلب من غير الله، وممن لا يملكها كالأولياء والصالحين؟!
]مَنْ ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلَّا بِإِذْنِهِ[ [البقرة: 255].
هذا فيه ذكر شرط الإذن في الشفاعة، وهو أحد شروطها، والاستفهام للإنكار.
]وَكَمْ مِنْ مَلَكٍ فِي السَّمَاوَاتِ لَا تُغْنِي شَفَاعَتُهُمْ شَيْئًا...[ [النجم: 26]:
هذا فيه الشرط الثاني من شروط الشفاعة الشرعية وهو الرضى، وهذه الآية نفت شفاعة الملائكة والصالحين. إذن فكيف تُطلب من غير الله؟
]قُلِ ادْعُوا الَّذِينَ زَعَمْتُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ لَا يَمْلِكُونَ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَلَا فِي الْأَرْضِ[ [سبأ: 22].
هذه الآية نفت أربعة أشياء كما قال ابن تيمية:
1- لا يملكون مثقال ذرة: نفت الملك.
2- وما لكم فيهما من شرك: نفت الشراكة.
3- وما له منهم من ظهير: وليسوا أيضًا معينين.
4- ولا تنفع الشفاعة: نفى أن يكونوا شفعاء.
لماذا نفى الله هذه الأربعة؟
لأن من تطلب منه الشفاعة فلا بد أن يكون مالكًا لأحد هذه الخصال الأربع.

قال أبو العباس: هو ابن تيمية، وهذا هو المشهور من كنيته.
وهو ليس له ابن، وهذا أمر جائز – التكني دون أن يكون له ولد -.
وقولنا: أبو العباس، أو ابن تيمية أفضل من قولنا (شيخ الإسلام) ويأتي إن شاء الله في أبواب لاحقة.
«من قال لا إله إلا الله خالصًا من قلبه».
من: شرطية.
قال: يقصد به قول اللسان والقلب.
خالصًا: حال.
هل يكفي أن يقولها خالصًا من قلبه دون التصديق بالرسول والإتيان بالأعمال الأخرى؟
لا يكفي، فيجب أن يكون عاملاً بمقتضاها، ومقتضاها ما ذكرنا.

باب قول الله تعالى
]إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ[ [القصص: 56].
وفي الصحيح عن ابن المسيب عن أبيه قال: لما حضرت أبا طالب الوفاة جاءه رسول الله r وعنده عبد الله بن أبي أمية وأبو جهل، فقال له: «يا عم، قل: لا إله إلا الله، كلمة أحاج لك بها عند الله» فقالا له: أترغب عن ملة عبد المطلب؟ فأعاد عليه النبي r، فأعادا فكان آخر ما قال: هو على ملة عبد المطلب وأبى أن يقول: لا إله إلا الله. فقال النبي r: «لأستغفرن لك ما لم أنه عنك» فأنزل الله عز وجل ]مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آَمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ[ [التوبة: 113] الآية. وأنزل الله في أبي طالب: ]إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ[ [القصص: 56].
قال الشارح:
المسألة الأولى:
قصد المؤلف رحمه الله من إيراد هذا الباب أن يبين أن الرسول لا يملك هداية أحد، هداية توفيق وقبول، ولا يملك الاستغفار لغير الموحدين.
وكذلك غيره من الأولياء والصالحين الذين يُدعون من دون الله من باب قياس الأولى. فإذا كان الرسول r لا يملك أن يستغفر لأحد أو يهدي أحدًا، فالصالحون من باب أولى، ففيه الرد على عُبّاد القبور، وإذا كانت هذه فكرة الباب، فإنه قد سبق أن ذكرها المصنف في باب ]أَيُشْرِكُونَ مَا لَا يَخْلُقُ شَيْئًا وَهُمْ يُخْلَقُونَ[ [الأعراف: 191] فإنه عرض لنفس الفكرة.
المسألة الثانية: في شرح الترجمة:
إنك لا: لا: نافية، والمنفي عدم الهداية، فكيف نجمع بينها وبين قوله تعالى: ]وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ[ [الشورى: 52]؟
قبل أن نذكر الجمع هناك قاعدة «إذا تعارضت النصوص بالنسبة لطالب العلم فهي تتعارض باعتبار نظره لا باعتبار الواقع».

فما هو العمل؟
الجمع لأن الجمع فيه إعمال للنصين بقدر الإمكان. قال تعالى: ]وَمَا آَتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ[ [الحشر: 7].
والجمع له عدة طرق:
1- أن يحمل أحد النصين على شخص والآخر على شخص، كقوله r: «ليس من البر الصيام في السفر»، وثبت من فعله أنه صام في السفر، فيحمل عدم الصيام على العاجز، والذي يصوم هو القادر.
2- أن تحمل هذه على حالة، وهذه على حالة.
3- العام والخاص، فيعمل بالعام ويخرج منه أحد أفراده بالدليل الثاني.
ومثله المطلق والمقيد، فيعمل بالمطلق؛ إلا في الجانب الذي فيه التقييد.
فإذا تعذر الجمع بهذه الطرق، فإننا نلجأ إلى النسخ، فيؤخذ أحد النصين ويترك الآخر بشرطين:
1- أن يتعذر الجمع بوجه من الوجوه.
2- أن يعلم المتقدم من المتأخر.
فإذا لم نعرف التاريخ انتقلنا إلى الترجيح، والترجيح تأخر عن النسخ، ونتيجته باعتبار الواقع مثل النسخ، فأنت تترك نصًا وتأخذ الآخر، وكذا في النسخ معك حجة أقوى؛ لأنك تركت أحد النصين.
وجوه الترجيح كثيرة:
1- أن يكون أحد الحديثين أصح من الآخر، فيؤخذ ما كان أقوى باعتبار السند من الثاني.
2- أو يكون أحدهما صاحب القصة والآخر راويًا عنه، كقصة زواج ميمونة وقولها أن النبي تزوجها وهو حلال، فرُجَّح على قول ابن عباس أنه تزوجها وهو حرام.
ثم بعد ذلك يتوقف.
قوله r: ]إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ[ [القصص: 56]، وقوله r: ]وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ[ [الشورى: 52] فهنا نجمع ونحمل الهداية المثبتة على هداية البيان والإرشاد.

فالهداية المنفية هي هداية التوفيق والقبول والإيمان بالقلب.
وقوله: ]إِنَّكَ لَا تَهْدِي[ فالمثبت هنا هو هداية الإرشاد والدلالة، فالرسول r يملك أن يدل ويرشد، ولكن لا يملك أن يدخل الإيمان في القلب. وقال تعالى: ]وَلِكُلِّ قَوْمٍ هَادٍ[ [الرعد: 7].
من: موصولية بمعنى الذي.
وقوله: ]أَحْبَبْتَ[ أي: أحببته يا محمد.
ولكن هل هو الذي تحب ذاته وعينه أو أحببت هدايته؟
قولان للعلماء:
فالأول: من أحبه لعينه وذاته، وهذا يترك سؤالاً، وهو: هل يجوز محبة الكافر؟
نقول: إنها محبة طبيعية كما يحب قريبه مثل أبيه وأمه.
والثاني: من أحببت هدايته، وهذا أقرب وذكره الشنقيطي في التفسير؛ لأن السياق يدل عليه، والقصد كذلك، فالنبي r حرص على هدايته وزاره.
في الصحيح: لما حضرت أبا طالب الوفاة، ما المقصود بحضور الوفاة؟ هل المقصود مقدمات الموت وأعراضه، أو الغرغرة وهي النزع؟
الأقرب أن المقصود مقدمات الموت وأعراضه؛ لأن الثاني يعارض، وقوله: ]وَلَيْسَتِ التَّوْبَةُ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ حَتَّى إِذَا حَضَرَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ إِنِّي تُبْتُ الْآَنَ[ [النساء: 18].
ولما كان لقوله r فائدة؛ لأن التوبة عند حضور الوفاة غير مقبولة.
والجمع بينهما أن نقول: إن حضور الموت في الآية يقصد به النزع والغرغرة.
أما الحديث: فيقصد به أعراض الموت.
ولماذا لا نقول: إن حضور الموت في الحديث على بابه، وأن هذا خاص بأبي طالب، كما أنه خص بتخفيف العذاب؟ الجواب أن يقال: الأصل عدم الخصوصية.
جاءه: أي زاره. فيدل على جواز زيارة الكافر وعيادته بقيود:
أن لا يحبه بقلبه، فلا تكون الزيارة من أجل الأنس والمحبة.
ويجوز إذا كان من أجل الدعوة وترجو إسلامه، فيخرج إذا يئسنا من شخص، أو

غلب على الظن عدم إسلامه فغير جائز.
عبد الله بن أبي أمية: هذا أسلم، أبو جهل: هو فرعون هذه الأمة.
يا عم: يجوز أن يقال للكافر يا عم، ومثلها يا أبي ويا أمي.
والنسب لا ينقطع بالكفر، وإنما تنقطع المودة والمحبة، وينقطع الميراث.
قل: فعل أمر. وهل هو للإلزام، أو للإرشاد؟
الأصل في الأوامر أنها للإلزام، وهنا يرد علينا قوله تعالى: ]لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَدْ تَبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ[ [البقرة: 256] ولذا فإن الأظهر أن الأمر للإرشاد.
قول: «لا إله إلا الله» هل ينتفع الإنسان بها، أم لا بد من العمل بمقتضاها؟
الثاني، ولكن إن لم يبق برهة بعد قوله لا إله إلا الله فهذا يدخل في الإسلام.
أما إذا بقي فلا بد من العمل.
فهذه الكلمة يستحب أن تقال للكافر عند حضور الوفاة والمسلم من باب أولى.
كلمة: بدل من لا إله إلا الله.
أحاَج: أجعلها حجة أي يوم القيامة. وأشهد بها أنك أسلمت، وهذا يدل على مدى اهتمام الرسول r وحرصه على هداية أبي طالب، ويدل أيضًا أنه إذا وُجد كافر يهتم بالمسلمين ويناصرهم فيحرص على دعوته أكثر من غيره.
عند الله: أي يوم القيامة، فأجعلها حجة.
فقالا له: الضمير يعود على عبد الله بن أبي أمية وأبي جهل.
أترغب: استفهام إنكاري.
وما هي ملة عبد المطلب؟ هي الشرك بالألوهية، وهي تضاد لا إله إلا الله المدعو بها أبا طالب.
فأعاد عليه: يدل على جواز التكرار، وهذه إعادة، والإعادة غير الابتداء.
فأعادا: أي أبو جهل وعبد الله بن أبي أمية.
هو على ملة: هذا من كلام الراوي أخذًا باعتبار تصريح أبي طالب، وهو تصرف من الراوي استقباحًا للقول، مع أن حكاية الكفر ليست بكفر، ولكن فعل هذا تأدبًا.
لأستغفرن: اللام موطئة للقسم والنون للتوكيد.

الاستغفار مأخوذ من: المغفر، وهو لباس يستر الرأس.
والمغفرة هي: الستر والتجاوز.
ما لم أنه عنك: قيده الرسول r.
ما كان r: خبر بمعنى النهي، وفيه دليل على تحريم الاستغفار للمشركين، ويدل على تحريم موالاتهم.
والدعاء على الكافر: تقدم.
المشركين: المشرك على قسمين:
1- مشرك شركًا أصليًا، وهذا لا يجوز أن يستغفر له الرسول ولا أحد من المسلمين.
2- مشرك شركًا طارئًا، وهذا لا يجوز أيضًا، وهذا هو المسلم إذا ارتد بوجود خصلة من خصال الشرك الأكبر.
تخفيف العذاب عن أبي طالب ثابت، أما الرحمة والمغفرة فهي منفية عنه.

باب ما جاء أن سبب كفر بني آدم
وتركهم دينهم هو الغلو في الصالحين
وقول الله عز وجل: ]يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لَا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ[ [النساء: 171].
وفي الصحيح عن ابن عباس رضي الله عنهما في قول الله تعالى: ]وَقَالُوا لَا تَذَرُنَّ آَلِهَتَكُمْ وَلَا تَذَرُنَّ وَدًّا وَلَا سُوَاعًا وَلَا يَغُوثَ وَيَعُوقَ وَنَسْرًا[ [نوح: 23] قال: «هذه أسماء رجال صالحين من قوم نوح، فلما هلكوا أوحى الشيطان إلى قومهم أن انصبوا إلى مجالسهم التي كانوا يجلسون فيها أنصابًا وسموها بأسمائهم، ففعلوا، ولم تعبد، حتى إذا هلك أولئك ونسي العلم، عبدت».
وقال ابن القيم: قال غير واحد من السلف: لما ماتوا عكفوا على قبورهم ثم صوروا تماثيلهم، ثم طال عليهم الأمد فعبدوهم.
وعن عمر أن رسول الله r قال: «لا تطروني كما أطرت النصارى ابن مريم، إنما أنا عبد، فقولوا: عبد الله ورسوله» [أخرجاه].
وقال: قال رسول الله r: «إياكم والغلو، فإنما أهلك من كان قبلكم الغلو».
ولمسلم عن ابن مسعود أن رسول الله r قال: «هلك المتنطعون» قالها ثلاثًا.
قال الشارح:
المسألة الأولى: تعريف الغلو:
لغة: مجاوزة الحد، مأخوذ من غلا القدر إذا زاد.
وأما شرعًا: فهو مجاوزة الحد مدحًا أو قدحًا.
المسألة الثانية: أقسام الغلو:
أولاً: باعتبار الحكم ينقسم إلى قسمين:
1- غلو عبادة: وهذا يعتبر شركًا أكبر، وضابطه: هو أن يجعل للمخلوق شيئًا من حقوق الله تعالى، مثل: الدعاء والذبح والتصرف في الكون، أو مشابهة الله في

رد مع اقتباس