دولة إسلامية مع كافرة، فإن هذه ردة لأنها بمعنى التولي والحلف.
2- البشاشة لهم وطلاقة الوجه لهم من غير محبة ولا مودة ولا تحالف ولا نصرة.
3- التشبه بهم في أعيانهم لا في كفرياتهم.
4- مداهنتهم ومجاراتهم في غير المكفرات.
5- ومثل حضور أعيادهم الدنيوية لا الدينية فلها أمر آخر.
6- ومثل اطلاعهم على بعض أمور المؤمنين من غير محبة ولا مودة و لا عمالة ولا خيانة وهي غير ضارة بالمسلمين ومن غير مظاهرة ونصرة، ودليل ذلك قصة حاطب ابن أبي بلتعة.
7- ومثل إكرامهم، وتصديرهم المجالس وتقريبهم.
8- ومثل معاونتهم من غير مظاهرة وإنما معونة فردية يسيرة، والثناء عليهم.
9- ومثل اتخاذهم بطانة، واستشارتهم من غير تولي ولا مظاهرة.
10- ومثل اتخاذهم عمالة من غير ضرورة.
11- ومثل السكن معهم، وتكثير سوادهم في غير التولي والمظاهرة والنصرة.
وذكر الشيخ سليمان ما يقارب من عشرين صورة في مجموعة التوحيد.
ويستثنى من هذه الصور ما كان بغرض الدعوة إذا كان بغض القلب موجودًا، ومن أمثلة الاستثناء جواز زيارتهم والإهداء لهم وما كان في معنى الزيارة والإهداء، أما الدليل على ذلك، فهو حديث المسيب في قصة النبي r مع عمه أبي طالب حينما زاره للدعوة وكذا الغلام اليهودي.
حكم العمل عند الكفار؟
أما العمل المتضمن للكفر فهذا لا يجوز وهو كفر. أما العمل الدنيوي الذي ليس فيه كفر ولا مظاهرة وتولي لهم فيختلف ذلك بالنسبة إلى مكان الإقامة، فإن كان في بلدهم فيجوز العمل عندهم، كما في حديث علي أنه عمل عند يهودي؛ بشرط أن يبغضه بقلبه إلا العمل الدنيوي المتضمن لعزة الكافر فلا لقوله r: «ولن يجعل الله للكافرين على المؤمنين سبيلاً»، ولحديث: «الإسلام يعلو ولا يعلى عليه».
حكم السكن مع الكفار؟
السكن مع الكفار أقسام:
1- إن ساكنهم من أجل الدعوة والتأثير وهو آمن على دينه مظهرًا لدينه فيجوز له أو يستحب أو يجب، فهو دائر بين الأحكام الثلاثة.
2- إذا ساكنهم من أجل الدنيا، فهو محرم ولا يجوز، وهذا ينطبق عليه حديث أبي داود: «أنا بريء مِنْ مَنْ سكن بين ظهراني المشركين».
3- أن يساكنهم قهرًا فلا يستطيع الهجرة، فهذا يجوز مع الشرط المعروف وهو بغضهم في القلب لقوله تعالى ]إِلَّا الْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَالْوِلْدَانِ لَا يَسْتَطِيعُونَ حِيلَةً[ [النساء: 98].
4- مسكانتهم لأنها بلده وهي كافرة، فهذا يجوز له البقاء إذا كان يأمن على نفسه ويستطيع التصريح بالدين.
ما حكم التجنس بجنسية الكفار؟
هذه ليس لها حكم مطلق؛ إلا أنها تنقسم إلى صور وكل صورة لها حكم:
1- إن أخذ الجنسية محبة لهم ولدينهم أو مظاهرة لهم وتولي، فهذا كفر أكبر.
2- أن يكون مبغضًا لهم في قلبه، وأخذها ضرورة، فهذا أجازه بعض أهل العلم المعاصرين وهو مرجوح، هذا إذا كان تجنسًا، أما إذا كان البلد الكافر بلده فالحكم يختلف.
3- أن يأخذ الجنسية مختارًا لأجل الدنيا وهو يعلم معنى التجنس وأن له التزامات كفرية فهذا يكفر لأنه تولي ومظاهرة.
4- أن يأخذها مختارًا لأجل الدنيا لكن يجهل معنى التجنس ولم يلتزم بأحكامها فهذا يحرم ولا يكفر ويعذر بجهل الحال.
5- أن يأخذها من باب الإكراه فهذا يجوز. وهناك فرق بين الإكراه والضرورة.
وفي كل الأقسام إذا لم يصحب ذلك قسم بالولاء للدولة المجنسة. أما مع القسم مختارًا فهذا كفر أكبر.
وأما أخذ جنسية البلد المسلم، فهذا جائز من حيث الأصل.
مسألة: حكم الهجرة من بلاد الكفر؟
الهجرة من بلاد الكفر واجبة، فيجب أن يهاجر إذا كان لا يستطيع التصريح بالدين أو يخشى على نفسه.
إلى أي مكان يهاجر؟
1- ذكر بعض أهل العلم أن أفضل مكان يهاجر إليه هو مكة، فهي أفضل البقاع.
2- ومنهم من قال: أفضل الأماكن المدينة؛ لأنها مهجر الرسول r.
3- أن أفضل مكان للهجرة هو الأنفع للشخص، وهذا هو الراجح.
مسألة: حكم لبس الصليب وهل هو من الموالاة؟
1- أما لبسه محبة له فهذا كفر أكبر؛ لأنه محبة لعبادة النصارى، ولم يكفر بما يعبد من دون الله.
2- وأما لبسه توليًا أو مظاهرة فهو كفر أكبر.
3- لبسه مجاملة فهذا كفر أكبر أيضًا لأنه يتضمن الرضا بالصليب والإقرار إذا كان يعرف أنه صليب والصليب من أعظم شعائر النصارى، أما لو لبس شيئًا هو صليب لكن جهل كونه صليبًا فهذا يعذر بجهل الحال.
مسألة: استخدام العمال والسائقين.
أما في جزيرة العرب فلا يجوز استقدام اليهود والنصارى وغيرهم من الكفار بشتى أعمالهم؛ لأن الرسول r أمر بإخراجهم، وقال r: «لا يجتمع في جزيرة العرب دينان».
أما إن كان هناك ضرورة، كأن يكون العمل لا يقوم به أحد من المسلمين فهذا يجوز. أما خارج الجزيرة، فإقامتهم تجوز خصوصًا إذا كانوا من أهل البلد، لكن لا تجوز موالاتهم، وتبحث مسألة الجزية:
مسألة: حكم الإحسان إليهم والعدل معهم.
أما الإحسان إليهم فالكفار أقسام:
1- الذمي أو المعاهد أو المسالم.
فهؤلاء يجوز البر والإحسان إليهم؛ خصوصًا إذا كانوا جيرانًا أو أقارب أو فقراء
فإن عمر أهدى أخا له مشرك حلة.
وقال تعالى: ]لَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ[ [الممتحنة: 8].
والبر: هو أن تحسن إليهم.
2- أن يكونوا حربيين بيننا وبينهم حرب.
فهؤلاء لا يجوز الإحسان إليهم ولا البر لهم بل يحاربون.
وهل قبول الهدايا من غير الحربيين من الموالاة؟
لا. فإن النبي r قبل هدية اليهودي.
مسألة: ما حكم الدخول في الأحزاب العلمانية أو الكفرية؟
هذا كله لا يجوز. فإن أعانهم على مسلمين فهذا تولي ومظاهرة، وهي ردة. وإن كان دخوله معهم دخول إقرار ورضى فهذه ردة.
باب من الشرك لبس الحلقة والخيط ونحوهما لرفع البلاء أو دفعه
وقول الله تعالى: ]قُلْ أَفَرَأَيْتُمْ مَا تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ أَرَادَنِيَ اللَّهُ بِضُرٍّ هَلْ هُنَّ كَاشِفَاتُ ضُرِّهِ[ [الزمر: 38] الآية.
عن عمران بن حصين رضي الله عنه، أن النبي r رأى رجلاً في يده حلقة من صفر، فقال: (ما هذه)؟ قال: من الواهنة. فقال: «انزعها فإنها لا تزيدك إلا وهنًا، فإنك لو مت وهي عليك، ما أفلحت أبدًا» رواه أحمد بسند لا بأس به. وله عن عقبة بن عامر رضي الله عنه مرفوعًا: (من تعلق تميمة فلا أتم الله له، ومن تعلق ودعة فلا ودع الله له) وفي رواية: (من تعلق تميمة فقد أشرط). ولابن أبي حاتم عن حذيفة أنه رأى رجلاً في يده خيط من الحمى فقطعه، وتلا قوله: ]وَمَا يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللَّهِ إِلَّا وَهُمْ مُشْرِكُونَ[ [يوسف: 106].
قال الشارح:
من: تبعيضية.
الشرك: يقصد به: إما الشرك الأكبر أو الأصغر على تفصيل يأتي إن شاء الله.
لرفع: اللام للتعليل، فعلة لبس الحلقة والخيط هي الرفع أو الدفع.
البلاء: يقصد به أشياء وهو:
اسم عام لكل ما يصيب الإنسان مما يكره، ويشمل العين، ويشمل المرض والحسد والفقر وأشباه ذلك.
وأراد المصنف أن يبين أن لبس الحلقة والخيط لرفع البلاء أو دفعه من الشرك، وهو ينقسم إلى أقسام:
1- أن يلبس الحلقة ونحوها يعتقد أنها ترفع بذاتها وتدفع بذاتها، وهذا يعتبر شركًا أكبر. والسبب أنه أعتقد أن هناك خالقًا مع الله، والله عز وجل يقول: ]هَلْ مِنْ خَالِقٍ غَيْرُ اللَّهِ[ [فاطر: 3]. ومعناها لا خالق غير الله. وهذا الشرك في الربوبية.
2- أن يلبسها ويعتقد أنها سبب والله هو الرافع وهو الدافع، فهذا يعتبر من الشرك الأصغر.
وشرط هذا القسم أن يثبت أنها ليست بسبب لا من جهة الشرع ولا من جهة القدر.
شرعًا: كالعسل وماء زمزم، فإنه ثبت أنهما شفاء من جهة الشرع.
قدرًا: كأن يثبت علاجها من طريق التجربة.
ونحوهما: مثل أشياء كثيرة منها:-
1- لبس الأسورة المغناطيسية، وهذه توضع على الركبة أو الساق، ويعتقدون أنها تدفع مرض الروماتزم، وهذه المسألة تكلم عنها الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله، وأصدرت فيها اللجنة فتوى.
2- وضع جلد تمساح أو ذئب على البيت أو الدكان لدفع العين فإنه من هذا الباب.
3- وضع المصحف في البيت أو في السيارة لدفع البلاء أو العين.
4- تكرار آيات يعتقد فيها أنها تجلب الزبون.
5- وضع سكين عند الرأس عند النوم، ومثله الطفل إذا وُلِد حديثًا يضعون عنده حديدًا لمدة أسبوع لدفع الجن.
ومن أمثلة ذلك:
6- لبس خاتم معين لدفع الجن.
7- لبس ما يسمى بالكف، وهو شيء من النحاس يوضع على الكف لدفع الحسد.
8- تعليق حذوة الفرس ونعله، لدفع البلاء عن السيارة والمكروهات.
9- ما يسمى بالحظاظة -قطعة من الجلد توضع لجلب الحظ-، وذكر المحشي أيضًا بعض الحرزات، كحرز العصمة، وهو يعلق على الرقبة.
10- وضع جلد ذئب في البيت أو السيارة لطرد الجن أو العين.
11- وضع جلد صيد على الأطفال لمنع الحساسية.
12- وبعض الناس يعتقد أن الشبكة بين الزوجين تجلب لهم النفع والمحبة، وكذلك خاتم الزوجية.
ويدخل تحت هذه الأقسام كل خيط أو حديد يوضع على الإنسان لجلب النفع ودفع الضر.
وكل هذه الأقسام من الشرك، وهل هو أكبر أو أصغر؟
حسب ما يقوم بالقلب، وحسب التفصيل السابق.
13- ومنها ما يفعله بعض الناس في عقد اللحية وتشويهها لدفع العين.
وقوله تعالى: ]قُلْ أَفَرَأَيْتُمْ مَا تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ أَرَادَنِيَ اللَّهُ بِضُرٍّ هَلْ هُنَّ كَاشِفَاتُ ضُرِّهِ[ [الزمر: 38].
هذه الآية تدل على أنه لا يدفع ويكشف الضر إلا الله، فليس لبس هذه الحلق والخيوط يكشف من الضر شيئًا لا ذاتا ولا سببًا.
وعن عمران بن حصين هذا الحديث وقع خلاف في تصحيحه وتضعيفه، فصححه الحاكم ووافقه الذهبي وصححه ابن حبان أيضًا، وحكم عليه المصنف وقال: لا بأس به.
وذهب بعض الأئمة إلى أنه ضعيف، وهذا أقرب؛ لأن المضعف معه تفسير، فذكروا أن الحديث فيه رجل اسمه مبارك بن فضالة، وهذا الرجل حدث عن الحسن.
وجاء للحديث تابع عند الطبراني، قال: حدثنا هشيم عن منصور عن الحسن. فالحديث ضعيف.
وله عن عقبة: الضمير يعود إلى أقرب مذكور.
المرفوع ينقسم إلى قسمين:
مرفوع حقيقة: وهو أن يصرح الصحابي بذكر الرسول r.
مرفوع حكمًا: وهو أن يقول الصحابي أمرنا ونهينا على عهد رسول الله r، كقول جابر: «كنا نعزل والقرآن ينزل».
من: شرطية.
تعلق: أي بقلبه، ولا يلزم كونه متعلقًا، فلو كان تحت الوسادة أو في مكان آخر فهو داخل في هذا الحكم.
التميمة: كل ما يلبسه الإنسان يريد به إتمام الشفاء له.
فلا أتم الله له: هذا دعاء من النبي r.
ومن تعلق ودعة: الودعة شيء يُجلب من البحر كالخرزات يعلق على الصبيان أو
غيرهم لدفع العين، وفي رواية: «من تعلق تميمة فقد أشرك». وهذا بيان أنه من الشرك. والحديث رواه أحمد والحاكم وصححه ووافقه الذهبي.
يفيد الحديثان: أن من لبس تميمة أو ودعة لقصد رفع بلاء أو دفعه فإنه من الشرك، وهل هو أصغر أم أكبر؟ على حسب التفصيل السابق.
حديث حذيفة:
من: سببية.
أي: يلبسها بسبب مرض الحمى لترفعه أو تدفعه أو تخففه.
فقطعه: الفاء للتعقيب، وقطعه لأنه شرك، ففي هذا تغيير المنكر باليد إذا كان يستطيع ولا يترتب عليه مفسدة.
وتلا قوله تعالى: ]وَمَا يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللَّهِ إِلَّا وَهُمْ مُشْرِكُونَ[ [يوسف: 106].
الإيمان في هذه الآية المقصود به الإيمان بالربوبية. وإن قال قائل: كيف جمع بين الإيمان والشرك؟ قلنا: وما يؤمن أكثرهم بالربوبية إلا وهم قد أشركوا بالألوهية.
باب ما جاء في الرقى والتمائم
في (الصحيح) عن أبي بشير الأنصاري رضي الله عنه أنه كان مع رسول الله r في بعض أسفاره، فأرسل رسولاً أن لا يبقين في رقبة بعير قلادة من وتر أو قلادة إلا قطعت. وعن ابن مسعود رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله r يقول: «إن الرقى والتمائم والتولة شرك» [رواه أحمد وأبو داود].
(التمائم): شيء يعلق على الأولاد من العين، لكن إذا كان المعلق من القرآن، فرخص فيه بعض السلف، وبعضهم لم يرخص فيه، ويجعله من المنهي عنه، منهم ابن مسعود رضي الله عنه.
و(الرقى): هي التي تسمى العزائم، وخص منه الدليل ما خلا من الشرك، فقد رخص فيه رسول الله r من العين والحمة.
و(التولة): شيء يصنعونه يزعمون أنه يحبب المرأة إلى زوجها، والرجل إلى امرأته.
وعن عبد الله بن عكيم مرفوعًا: «من تعلق شيئًا وكل إليه». [رواه أحمد والترمذي].
وروى أحمد عن رويفع قال: قال لي رسول الله r: (يا رويفع! لعل الحياة ستطول بك، فأخبر الناس أن من عقد لحيته، أو تقلد وترًا، أو استنجى برجيع دابة أو عظم، فإن محمدًا بريء منه).
وعن سعيد بن جبير رضي الله عنه: قال: (من قطع تميمة من إنسان كان كعدل رقبة) [رواه وكيع] وله عن إبراهيم([1]) قال: كانوا يكرهون التمائم كلها، من القرآن وغير القرآن.
قال الشارح:
المسألة الأولى: تعريف الرقى:
جمع رقية، وهي شرعًا: آيات وأذكار وأدعية تقرأ على المريض مع النفث.
التمائم: جمع تميمة، وهي شرعًا: ما يعلق لرفع البلاء أو دفعه.
المسألة الثانية: حكم الرقى:
تنقسم باعتبار الحكم إلى قسمين.
1- رقى تجوز، وهي رقى شرعية، وهي ما كان من القرآن والأذكار والأدعية، فهذه جائزة، دليلها: حديث مسلم «لا بأس بالرقى ما لم تكن شركا».
2- رقى لا تجوز وتعتبر من الشرك، وهي الرقى التي ليست من القرآن أو الأدعية الشرعية، ويدل عليها عموم «إن الرقى والتمائم والتولة شرك»، ومفهوم حديث مسلم (لا بأس بالرقى ما لم تكن شركًا).
المسألة الثالثة: شروط الرقية الشرعية:
1- أن تكون من القرآن أو الأذكار أو الأدعية الشرعية.
2- أن تكون باللسان العربي.
3- أن يعتقد أنها سبب والله هو المؤثر.
4- أن لا يعتمد عليها، وإنما يعتمد على الله ]وَعَلَى اللَّهِ فَتَوَكَّلُوا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ[ [المائدة: 23].
5- أن يكون الراقي ليس من أهل الشعوذة.
وهل يشترط سماع الآيات؟
لا يشترط. فإن كان الراقي من أهل الصلاح فهذه قرينة كافية، لكن إذا شك في الراقي فلا بد أن يطلب سماع الآيات.
المسألة الرابعة: هل الرقية أفضل؟
مر علينا أن هناك فرقًا بين الرقية والاسترقاء. والأفضل ترك طلب الرقية.
المسألة الخامسة: هل يجوز أخذ أجرة على الرقية؟
نعم يجوز، وجاء في حديث ابن عباس المتفق عليه. وجاء أيضًا في حديث «أحق ما أخذتم عليه أجرًا كتاب الله».
المسألة السادسة: أقسام الرقى باعتبار المحل:
قلنا: إن الرقى تنقسم إلى قسمين باعتبار الحكم، وتنقسم إلى قسمين أيضًا باعتبار مادتها وما تتكون منه:
1- رقية القراءة.
2- رقية الكتابة: كأن يكتب لك القرآن ثم تضعه في ماء ثم تشربه.
ورقية القراءة قسمان:
أ- قراءة على المريض مباشرة، وهذه لا إشكال في جوازها.
ب- قراءة في الإناء كالمائعات ثم يتناوله المريض، وهذه فيها خلاف:
1) لا تجوز، لأنها لم ترد.
2) أنها تجوز.
واستدل أهل الجواز بالآتي:
أ- بعموم قوله تعالى: ]وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآَنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ[ [الإسراء: 82] فالقرآن شفاء كما بينه الله.
ب- قوله تعالى: ]قُلْ هُوَ لِلَّذِينَ آَمَنُوا هُدًى وَشِفَاءٌ[ [فصلت: 44].
ج- حديث أم سلمة أنه كان عندها جلجل من فضة فيه شعرات للرسول r، فكانت إذا جاء المريض تضع الشعرات في الماء للاستشفاء، فإذا كان أبعاض الرسول r مباركة يُستشفى بها، فكذلك القرآن.
د- حديث عائشة، فلقد نقلت أن رسول الله r «كان إذا اشتكى يقرأ على نفسه بالمعوذات وينفث، فلما اشتد وجعه قال: فكنت اقرأ عليه وأنفث في يده وأمسح بها جسمه» فكانت تقرأ في اليد ثم تمسح، فيقاس عليه القراءة في الماء.
هـ- وجاء عن عائشة في الصحيح أن الرسول r كان إذا اشتكى أحد وضع إصبعه السبابة في الأرض ثم رفعها وقال: «بسم الله تربة أرضنا بريقة بعضنا» الشاهد أنه كان يضع إصبعه على الأرض.
و- عند أبي داود في الطب أن الرسول r قرأ في إناء وصبه على مريض.
ز- جمع البصاق ونفثه على المريض.
ونقول من هذه الأدلة اتضح أن الأقرب جوازه، وذكر ابن القيم عن ابن عباس جوازه في زاد المعاد.
وكذلك لا مانع من القراءة على المائعات غير الماء كالفكس أو الأوراق الصفر، فهذه ليست قرءانًا؛ بل هي زعفران قُرئ عليه قرآن.
بقي وسائل أخرى هل تجوز أو لا؟
مثل كتابة آيات على العصا ويضرب بها المصروع، فهذه لم ترد عن السلف، بخلاف القراءة على الماء فقد ذكرت عن ابن عباس.
كتابة القرآن في خرقة ثم يطل بمن المريض أن يحرقها ويتبخر بها، وهذا ليس فيها سلف (وفيها إهانة للقرآن).
وبعضهم يكتب على الجلد شيئًا من القرآن كآية الكرسي، وهذه ليس فيها سلف، وهل القراءة على الطعام هي مثل القراءة على المائعات؟
الله أعلم أنه ليس هناك فرق.
المسألة السابعة: القراءة على المريض ما هي طريقتها؟ أي: كيفية الرقية.
لها عدة كيفيات كلها جاءت عن الرسول r، وهذه الكيفيات ليست من التنوع؛ بل يستخدم كل حالة بأقرب الأشياء لها:-
1- أن تقرأ على المريض مباشرة وتنفث في وجهه أو صدره أو في أذنه، وهذه الطريقة المنتشرة.
2- ليس فيها نفث؛ بل فيها المسك على موضع الألم مع القراءة أو المسح، وهذه الكيفية تكون مع الرجال، أما النساء غير المحارم فلا؛ لحرمة مس المرأة.
3- أن يقرأ في اليدين ويمسح المري بيديه على جسده أو موضع الألم.
4- أخذ شيء من الريق ووضعه على الأرض، ثم يؤخذ الريق وما التصق به من التراب ويوضع على موضع الألم مع الدعاء والقراءة.
5- أن يقرأ في الماء ثم يشربه المريض أو يدهن به أو يغتسل فيه.
حديث أبي بشير الأنصاري:
هو في التمائم وليس في الرقى، ويدل على التحريم، وهي محرمة مطلقًا، وهي شرك إلا تمائم القرآن، فهي محل خلاف والراجح أنها محرمة.
الوسائل الشرعية لدفع العين:
1- أحسنها القراءة، فإن الرسول r رأى في وجه جارية سفع فقال: استرقوا لها فإن فيها نظرة.
2- الاغتسال من ماء العائن؛ كما أمر الرسول r عامر بن ربيعة.
3- التعوذ عليه، كما كان الرسول r يعوذ الحسن والحسين [البخاري].
4- ترك الزينة، قال به بعض أهل العلم، وليس معنى ترك الزينة التشويه وسيأتي. ومثله تفريقهم حتى لا يدخلوا جميعًا كما أوصى يعقوب عليه السلام بنيه ]وَادْخُلُوا مِنْ أَبْوَابٍ مُتَفَرِّقَةٍ[ على قول.
حديث ابن مسعود:
الرقى: الألف واللام هي للاستغراق أو العهد؟
الألف واللام هنا للعهد؛ لأن هناك رقى شرعية ورقى غير شرعية.
التمائم: الأقرب أن التمائم للعموم حتى تمائم القرآن، هذا بالنسبة للتحريم.
التولة: بالإجماع شرك.
دل هذا الحديث على أن الرقى الشركية وكذلك التمائم والتولة شرك لا تجوز.
روى الحديث أحمد وابن ماجه والحاكم وصححه والألباني كذلك.
حكم التمائم:
أما التمائم التي فيها تعوذ بغير الله فهذه شرك بلا إشكال، أما التمائم التي من القرآن كمن يعلق خيطا مقروء فيه، فقد وقع الخلاف فيها:
1- الحنابلة يجيزونها، وذكروها في باب دخول الخلاء، فهم يجيزون مثل هذه الأحراز.
2- الذي عليه أئمة الدعوة أنها لا تجوز وهذا هو الراجح، واستدلوا:
أ- عموم حديث ابن عباس.
ب- سدًا للذريعة.
حديث عبد الله بن عكيم:
من: شرطية وهي عامة في تعلق القلب ولو علقه تقليدًا.
شيئًا: يشمل كل شيء من القراءة.
قول المصنف: (من العين) من: سببية.
(على الأولاد): هذا على الغالب.
لكن إن كان المعلق من القرآن فقد رخص فيه بعض السلف: يقال إنه عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنه، وبعضهم لم يرخص فيها مثل ابن مسعود رضي الله عنه.
([1]) فتح المجيد (ص133) هو الإمام إبراهيم بن يزيد النخعي.