الموضوع: من هو أول من
عرض مشاركة واحدة
  #108  
قديم 01-13-2012, 04:20 AM
سهيل الجنوب سهيل الجنوب غير متواجد حالياً
مراسلنا من وادي الدواسر
 
تاريخ التسجيل: Apr 2011
الإقامة: وادي الدواسر
المشاركات: 701
معدل تقييم المستوى: 22
سهيل الجنوب is on a distinguished road
افتراضي رد: من هو أول من

كان فلاسفة اليونان القدماء يتناقشون فيما بينهم حول طبيعة المادة, فكانوا يتساءلون عما ينتهي إليه تقسيم المادة , هل يمكن مواصلة التقسيم إلى ما لا نهاية؟. أم أن هناك حد تنتهي عنده إمكانية التقسيم ؟
كان صاحب هذه التساؤل الفيلسوف لوسيب سنة 445 قبل الميلاد، وجاء بعده تلميذه ديموقريطس Democritus و قال: أن كل شيء مصنوع من جزيئات صغيرة, فهي تتجمع مع بعضها البعض بطرق مختلفة لتشكل مواد مختلفة.
وأن الجزيئات بحد ذاتها لا يمكن أن تتغير ولا يمكن تقسيمها إلى أجزاء اصغر.وأطلق عليها اسم الذرات Atoms أي الذي لا يمكن تقسيمه. :Atomosمن الكلمة اليونانية
و من قوله في هذا الموضوع: ( نقول عن الشيء حلو أو مر, أو نقول حار أو بارد, ونصف لونه, والحقيقة أن كل هذا لا يتعدى كونه ذرات في الخلاء) وأيضا ( أن هذه الذرات لا يمكن أن يعتريها الفناء)
ومن تعاليم ديموقريطس : انه لا يوجد شيء سوى الذرات والفراغ ( الخلاء) vacuum , وما عداهما فهو محض الخيال.
وتعد هذه الذرات التي تفوق الحصر كمكونات أوليه لا متغيره ولا تفنى, أساس كل ما يوجد ويحدث في الطبيعة.
وللذرات المستقلة صور هندسية ثابتة وحركات متغيره من جراء ما تتعرض له من ضغوط و تصادمات مع بعضها البعض.
وفي ظل كل المتغيرات في بنية الطبيعة, تظل الذرات ثابتة محتفظة بكيانها, لا شيء يصدر عن لا شيء ولا فناء لما هو موجود, التغير مجرد اتحاد وانفصال بين الأجزاء وما اختلاف الأشياء جميعها إلا لتنوع ذراتها عددا ومقدارا وبنية وترتيبا.
ولما كانت حركات كل ذره على حده خاضعة لقانون طبيعي وضوابطه فليس هناك شيء اختياري ( تحكمي) arbitrary يحدث في الطبيعة كلها, ولا شيء يحدث مصادفه accidentally, ولكن لكل شيء عله وضرورة, ولا تستطيع حواسنا المتواضعة إدراك هذه العناصر elementsمن حيث طبيعتها وصورها , ولكنها فقط تحس بتأثيرها على نحو غامض( فقط في الخيال حيث الحلاوة والمرارة والحرارة والبرودة والألوان, أما في الحقيقة فليس هناك سوى الذرات والفراغ) وهذه شهادة بارزه على( تنصيل (decoloration العالم, أي التأكيد على أن جميع المشاهدات الحسية المباشرة ما هي إلا وهم ( خداع) وأن معرفة الحالة الحقيقية للأشياء لا بد أن تؤدي بنا إلى وصف لا يشتمل إلا على الصورة الهندسية و الحركة الميكانيكية للذرات.
وتقدم هذه الصورة الفكرية عن الفلسفة المادية إمكان اعتبار كل حوادث الطبيعة على أنها نتائج للانتظام ( الاطراد) الصارم.
لم يتمكن ديموقريطس من إثبات ذلك بسبب عدم اعتماد أفكاره على الوقائع .
هناك من أحيا تعاليم ديموقريطس منهم: ابيقوروس Epicurus من خلال سلوكه في الحياة إذ كان ذا اتجاه عقلاني rationalistic.
وكذلك الشاعر والفيلسوف الروماني الكبير لوكريتس Lucretius فقد شرح باستفاضة أفكار الاطراد الذري لكل مجالات الطبيعة من خلال قصيدته التعليمية العظيمة (عن طبيعة الأشياء) وعرف علماء الغرب تعاليمه في إطار الدراسات الإنسانية في أبان عصر النهضة مثل جاسندي Gassendi الذي قام بإدخال الفلسفة اليونانية في العلوم الغربية. وكذلك كان ديكارت Descartes من مؤيدي ديموقريطس. أما الذين خالفوا ديموقريطس منهم بطليموس وارسطوا الذي اعتبر أن الطبيعة تتكون من أربعة عناصر هي الماء وهواء والنار والتراب.
وعلى هذا الأساس فان كل مادة من المواد تنجم عن اتحاد إحدى هذه العناصر مع عنصر آخر أو أكثر. وبسبب هذا المفهوم الخاطئ أقام سدا منعيا يحول دون فهم الإنسان لطبيعة المادة واحدث ضررا للإنسانية لا يمكن تقديره. اخذ الفلاسفة بتعاليم أرسطو وضاعة نظرية ديموقريطس في هاوية النسيان خلال عصور عديدة والنتيجة كانت تأخير التقدم العلمي بما يزيد على 10 قرون اخذ الناس فيها بنظريته محاولين تحويل معادن مثل النحاس والرصاص إلى الذهب والفضة من خلال إضافة إحدى العناصر الأربعة أو أكثر بنسب مختلفة وعكفوا على الأفران ولكنهم لم يفوزوا بذرة واحدة من الذهب .
الذرة في عصر النهضة
استطاع العالم فرنسيس بيكون العودة إلى نظرية ديموقريطس (1561-1626) بعد أن عمل على إقصاء تعاليم أرسطو وانتزاعها من العلم وكان له الفضل في وضع القواعد المنطقية التي وضعها للتجريب واستفاد منها المجربين أبرزهم روبرت بويل Robert Boyle (1627-1691) فقد كان يهتم بالمضخات فدرس عمليات الضخ واخذ يقيس تغير حجم الغاز تحت قيم مختلفة للضغط بثبوت درجة الحرارة
P1v1=P2v2
واستنتج أن الغازات تتصرف وكأنها مؤلفة من جسيمات صغيرة جدا يفصل بينها الخلاء (ذرات) و أن هذه الجسيمات في حالة اضطراب دائم.
ومن ثم جاء العالم اسحاق نيوتن Isaac Newton (1643-1727) ووضع أسس الميكانيكا الكلاسيكية ليدعم ما قاله واستنتجه Boyle واعتبر نيوتن أن الغازات مكونة من ذرات وعزا لها بعض القوى أو الخواص التي تؤثر بفضلها في بعضها بعضا.
وهكذا لم يكد القرن السابع عشر ينتهي حتى كانت نظرية ديموقريطس الذرية قد بعثت من جديد ودعمت من قبل اكبر فيلسوف في ذلك العهد وهو بيكون , ومن قبل اكبر عالمين مجربين هما بويل ونيوتن.


توقيع : سهيل الجنوب
رد مع اقتباس